السبت، 26 يونيو 2010

النيــــــل والمستقـــــــبل خلاصة القضية والحلول المتاحة ( 5 - 5 ) بقلم م. فتحي شهاب الدين


منيت السياسة المصرية تجاه ملف النيل بسلسلة متتالية من الفشل فطوال 10 سنوات من المفاوضات لم تنتبه إلي إصرار دول المنبع علي مطالبهم وتهاونت في ذلك ثم عندما استيقظت علي ماحدث في اجتماع " كينشاسا " من رغبة هذه الدول في التوقيع رغما عن مصر والسودان لم تحاول البحث عن سياسة بديلة لصيانة حقوقها بل استمرت في سياسة التسويف من خلال ما أسفر عنه مؤتمر الإسكندرية من إعطاء مهلة ستة شهور للتفاوض ومع انتهاء هذه المدة حاولت الحكومة الاستمرار في نفس اللعبة بالدعوة إلي الاستمرار في التفاوض وهو ما رفضته دول المنبع حتي تم التوقيع علي الاتفاقية أخيرا لتخرج الحكومة المصرية بنفس التصريحات والكلام المتكرر عن الحقوق التاريخية.
إن أخطر ما في الاتفاقية الإطارية الجديدة أنها ضمت بندا يشير إلي حق الدول المتشاطئة مع دول حوض النيل في الحصول علي مياه النيل وبالتالي فإن إسرائيل المتشاطئة مع مصر سوف يكون لها الحق في الحصول علي المياه والقصة نفسها تنسحب علي ليبيا أيضا .
والأشد خطورة في الاتفاقية الجديدة أن القانون الدولي يلزم بوجود اتفاقيات جماعية ويمكن في هذه الحالة أن يكون عدم اعتراف دول حوض النيل بالاتفاقية الثنائية بين مصر والسودان ( 1959 ) قانون في حد ذاته .
إن الرصيد الذي صنعته مصر في سنوات طويلة قد تلاشي في سنوات قليلة و لم يكن هذا الرصيد من صناعة ثورة يوليو فحسب لكن سبقته علاقات و صراعات قديمة حول مياه النيل ابتداء من عصر محمد علي ومرورا بعصر إسماعيل ودور انجلترا (رغم أنها كانت تحقق مصالحها بذلك ).
وليس أدل علي ذلك من قيام مصر بإغلاق جميع المكاتب التجارية المصرية في أفريقيا وبيع منشآتها ومبانيها في إطار ما سمي بالخصخصة .
لقد توقفت مصر عن المشاركة في وفود رسمية عالية في مؤتمرات القمة الأفريقية والمؤسسات التابعة لمنظمة الوحدة الأفريقية وحدثت فجوة واسعة في الأنشطة الأهلية والمدنية ترتب عليها غياب كامل لمصر بكل مؤسساتها في دول أفريقيا ابتداء من البعثات الدينية والتعليمية وانتهاء بدور الأزهر الشريف كما تقطعت كل الروابط الدينية بين الكنيسة في اثيوبيا والكنيسة في القاهرة ولم تحاول مصر الإبقاء علي شيء من هذه العلاقات والتي كانت من أهم الروابط بين الشعبين في كل من مصر وأثيوبيا .
لقد ترك النظام المصري أفريقيا خالية من أي دور أو مكانة مصرية مفسحا المجال للدور الاسرائيلي الذي تحرك بخبث ودهاء فأقام العلاقات وساعد في بناء السدود والمشاريع المائية ولم يكتف بذلك بل قام بتأليب دول حوض النيل ضد مصر وساهم في تراجعهم عن كل الاتفاقيات السابقة.
وإن المرء يحار كيف تكون هناك معاهدة سلام بين مصر وإسرائيل وتقوم الأخيرة بهذا الدور المشبوه الذي ينسف هذه المعاهدة من أساسها .
وإذا نظرنا إلي الوضع الداخلي في مصر نجد أن المشكلة الأساسية هي عجز الموارد المائية بصورة واضحة من ناحية والإسراف في استخدام المتاح من ناحية أخري .ثم الاشد والاخطر وهو تلويث النيل بطريقة بشعة وعن اصرار وتعمد .
ونستطيع أن نعرض التوصيات التالية كحلول للقضية :
1- عقد مؤتمر يحضره العلماء والمتخصصون والمسئولون ومتخذو القرار لوضع إستراتيجية وسيناريوهات للتعامل مع الاتفاقية الجديدة لحوض النيل يسترشد بها المفاوض المصري .
2- علي مصر التوقف عن سياسة الاستخفاف بدول حوض النيل ومعاملتها علي أساس أنها دول منبع ولها حقوق والبعد عن نغمة الحق التاريخي في المياه حيث أن الظروف تغيرت وأصبح الماء سلاحا في يد من يمتلك منابعه وخاصة إذا كان ملاك المنابع يعانون من الفقر والمشكلات الاقتصادية الحادة .
3- يجب أن تعيد الدبلوماسية المصرية النظر في وجودها وتأثيرها في دول حوض النيل وتقوم بفتح سفارات نشطة تقوم بمد الجسور للتواصل وفتح مجالات جديدة للتعاون وإعادة المياه إلي مجاريها .
4- إنشاء وزارة للشئون الأفريقية تتولي التنسيق مع دول حوض النيل وتكون ذات اعتماد مستقل يفتح لها الباب لفتح مساعدات وإقامة مشروعات في دول الحوض علي الأقل لمعادلة الدور الإسرائيلي الذي تعاظم في هذه الدول ويكون من مهمتها أيضا تنشيط الروابط الثقافية والحضارية وتقديم البديل المتكامل ( ثقافيا وروحيا وسياسيا واقتصاديا ).
5- الوقوف ضد مخطط تقسيم السودان والعمل علي وحدة أراضيه .
6- حتمية التكامل المصري السوداني والعمل المشترك الجاد لتنمية الموارد المائية والبحث عن سبيل لاستكمال العمل في قناة جونجلي المتوقف منذ عام 1983 والتي من شأنها أن توفر لمصر والسودان 5 مليارات متر مكعب .
7- التنسيق بين مصر والسودان للتأثير علي الدول العربية المانحة والتي لها استثمارات في إثيوبيا ودول الحوض مثل السعودية والامارات وقطر حيث تستطيع هذه الدول أن يكون لها دور مؤثر في مستقبل هذه المنطقة حيث أن هناك مؤتمرات واتفاقات معظمها يتجه نحو الإنتاج الزراعي والحيواني في هذه الدول وهذا كله سيكون خصما من مياه النيل وهو تهديد واضح لمصالح مصر والسودان .
8- إن عودة مصر القوية يعني القدرة علي التفاوض وتحسين وضع المفاوض المصري ومن ثم يجب العودة بقوة للتواجد في البحر الأحمر .ففي هذا البحر توجد قناة السويس وهي مورد هام من الموارد المصرية وعلي البحر الأحمر توجد أكثر من دولة عربية فهو بحر عربي بكل المقاييس ومن الخطر الجسيم ترك أمريكا وإسرائيل تستحوذان عليه وتعبثان بدول حوض النيل ومن ثم يجب العمل علي :
· التواجد العسكري المكثف في حلايب وشلاتين وإقامة قاعدة عسكرية في " بانياس " في البحر الأحمر .
· وقف نزيف الانقسامات في السودان والعمل بكل الوسائل للحيلولة دون فصل الجنوب .
· بقاء اليمن قويا موحدا للحفاظ علي باب المندب ( المنفذ الجنوبي للبحر الأحمر ).
· إنقاذ الصومال من الحروب الأهلية والعمل علي استقراره وإعادته إلي الصف العربي .
· دعم جيبوتي واريتريا ووضع أولويات للتنمية فيهما لإعادة التوازن في مواقع هذه الدول وتنسيق أدوارها .
9- التنبيه علي إسرائيل بشدة لكف يدها عن دول حوض النيل ووقف مشاريعها هناك والتهديد بإلغاء معاهدة كامب ديفيد إذا استمرت في تهديد مصالح مصر .

10- علي المستوي الداخلي يجب :
· مقاومة الهدر ( الإسراف ) وذلك بالاقتصاد في استخدام المياه وترشيد هذا الاستخدام ( سيول – أمطار – خزانات – إزالة ملوحة - معالجة مياه الصرف - تطهير المجاري المائية – تقليل البخر – التخزين في البحيرات – استخدام الطاقة الشمسية والنووية ) حيث أن الفاقد يساوي ثلث حصته من المياه .

 تكوين جهاز قومي من المتخصصين في مجالات المياه الجوفية في مصر يتولي تقييم ما تم إنجازه من دراسات ومشروعات المياه الجوفية علي المستوي القومي ورسم خريطة صحيحة للموارد المائية الجوفية في مصر لإعادة التوازن في حالة فقد مياه من حصتنا .

· التوسع في الري بالمياه الجوفية وتخفيض مساحة زراعة الأرز وزراعة الأصناف المبكرة

· استخدام تقنيات جديدة في الزراعة والري مثل ( الري بالرش والري بالتنقيط ).

· مقاومة تلوث نهر النيل .

وأخيرا :

إن حل مشاكل حوض النيل يتطلب النظرة إلي الحوض كوحدة مائية واقتصادية وبيئية واحدة , واعتراف كل دولة بحقوق الدول الاخري وهذا بدوره يتطلب التعاون الكامل بين دول حوض النيل والتركيز علي تبادل المنافع , فحصاد مياه إضافية لزيادة إيراد النيل يتطلب تعاون كل دول الحوض كما أنه يتطلب تعاون أثيوبيا حيث أن معظم إيراد النيل يأتي منها , وكذلك حكومة جنوب السودان ( حيث يضيع عشرين مليار متر مكعب من المياه سنويا في مستنقعات الجنوب ) ويتطلب أيضا ترشيد الاستهلاك في مصر والسودان , كما أن الطاقة الكهربائية في إثيوبيا التي يمكن توليدها من النيل وحده تكفي كل دول الحوض , إضافة إلي أن إمكانيات السودان الزراعية وإمكانيات مصر الصناعية والثروة السمكية في البحيرات الاستوائية ( خاصة بحيرة فيكتوريا ) ضخمة ويمكن توظيفها لخدمة شعوب هذه الدول ولكن هذا لن يحدث بدون التعاون بين دول الحوض والذي هو في نهاية المطاف الوسيلة الوحيدة لحل مشكلة دول الحوض .

السبت، 19 يونيو 2010

النيـل والمستقبـل ( 4 – 5 ) إسرائيـل والنيـل م : فتحي شهاب الدين

• ارتبطت فكرة أرض الميعاد دائمًا بنهر النيل ونهر الفرات لتحقيق الحلم التوراتي المرفوع على الكنيست الإسرائيلي " من النيل إلى الفرات ملكك ... أي من الماء إلى الماء " .

• آثار فكرة نقل المياه إلى إسرائيل ينودور هرتزل عام 1903م في خطابه إلى الحكومة البريطانية ( الملكة فيكتوريا ) وإلى الحكومة المصرية ( الخديوي عباس ) ( واللورد كرمو ) بمد فرع من النيل إلى سيناء لتوطين عدد من اليهود والمهاجرين .

• بعد صدور وعد بلفور عام 1917م تقدم ( حاييم دايزمان ) رئيس المؤتمر الصهيوني إلى ( لويد جورج ) رئيس وزراء بريطانيا طالبًا تحسين حدود إسرائيل لتضم حوض الليطاني وجبل الشيخ أي تضم أنهار الأردن وبابياس واليرموك .

• أعلن ( ديفيد بن جوريون ) عام 1955م أن اليهود يخوضون مع العرب معركة المياه وعلى نتيجة هذه المعركة يتوقف مصير إسرائيل , وإذا لم ننجح فلن نبقى في فلسطين .

• سعت إسرائيل ومنذ إنشائها للحصول على المياه وكان الصراع على أن عاملاً أساسيًا في كل الحروب التي خاضتها مع العرب .

- حرب 56 جاءت بعد فشل المبعوث الأمريكي " جونستون " في تقسيم مياه المنطقة .

- حرب 67 جاءت بعد قيام إسرائيل بتحويل مجرى نهر الأردن وبعد البدء في المشروع العربي لاستثمار نهر الأردن كما أقره مؤتمر القمة العربي عام 1964م .

- عام 82 غزو لبنان جاء للسيطرة على نهر الليطاني وسُميت "بعملية الليطاني" وفرت حرب 67 لإسرائيل 500 مليون م3 من نهر الأردن , وحرب 82 وفرت لها 800 مليون م3 من الليطاني (1.3 مليار م3).

- جملة إيرادات إسرائيل من المياه بعد السرقة والنهب 5.700 مليار م3 , في حالة اعتبار عدد سكانها 5 مليون نسمه ( عام 92 ) نصيب الفرد فيها 1140 سوف يتناقص بشدة في الفترة القادمة نظرًا للمشروعات التي تقدم بها .

• بحثت إسرائيل في الماضي ولا تزال عن مصادر إضافية في تركيا وروسيا , لكن الدراسات أثبتت أن التكلفة عالية جدًا وقد استقر رأي إسرائيل على أن الحل الأمثل هو مثلث الأضلاع ( الجولان ـ الليطاني ـ النيل ) , وهكذا قررت إسرائيل أن تدخل على النيل ليس من مصبه فقط ولكن أيضًا من منبعه .

اليشع كيلي ( ترعة السلام )

• تبلورت الفكرة في السبعينيات بالعرض الذي قدمه خبير المياه الصهيوني " اليشع كيلي " وهو خبير مياه خريج بمعهد التحنيون ومدير التخطيط لاقتصاديات المياه بشركة المياه الإسرائيلية ومنها إلى النقب في مشروعه المسنى " مياه الشرب " الذي قدمه عام 1974م .

• عندما قام الرئيس السادات بزيارة إسرائيل عام 1977م تم عرض المشروعات عليه وتمت الموافقة وكان أحد البنود السرية في " كامب ديفيد " .

• قام " كيلي " بتطوير المشروع عام 1986م تحت عنوان " خطة مياه الشرق الأوسط ضمن أعمال " آرماند هامر" للتعاون الاقتصادي وتحت رعاية جامعة تل أبيب .

• كان مشروع " كيلي " هو أساس ورقة المفاوضات التي قدمت في مؤتمر السلام الذي عُقد بمدريد في أكتوبر عام 1991م .

• في عام 1991م ظهر كتاب " كيلي " المياه والسلام ـ وجهة نظر إسرائيلية وعرض فيه المشروع كاملاً .

• لقد ذكر المسئولون المصريون أن ترعة السلام سوف تخترق قلب سيناء لتعمير الصحراء ولكن وجدناها فجأة تتجه شمالاً بجوار الساحل تمامًا كما جاءت في مشروع " كيلي " .

• عام 1994م ظهر كتاب " شيمون بيريز " رئيس وزراء إسرائيل " الشرق الأوسط الجديد " وبه فصل خاص بالمياه يدعو فيه لإقامة نظام إقليمي للمياه في المنطقة , ويطالب بنقل المياه من المناطق ذات الوفرة إلى المناطق الشحيحة عن طريق الحاويات أو القنوات المفتوحة أو الأنابيب .

• جاء ما اقترحه " كيلي " ليس مجرد مشروع لكنه يعرض الجزء المكمل لخطة المياه الإسرائيلية لأن شبكة المياه تم تنفيذها بالفعل عام 1980م والمواسير الرئيسية للشبكة مقاس 108 بوصة وهي تسحب من طبرية والليطاني وفي دير ياسين توجد نهاية خط الأنابيب الرئيسي مقاس 108 بوصة توجد الطلمبات جاهزة والمعدة لاستقبال مياه النيل من امتداد ترعة السلام : ـ ( الطلمبات جاهزة + الأنابيب لكن المياه لم تصل وهذه هي القضية ) .

• الرئيس السادات عرض على " بيجين " توصيل مياه النيل لإسرائيل في سبيل حل قضية القدس ولكنه رفض لأنه يستطيع الحصول عليها بطريقته الخاصة .

• بعد مقتل الرئيس السادات عام 81 وتعثر المسار المفاوضات الفلسطينية ثم انتفاضة 87 , 2000 لم يعد الرأي العام يسمح بنقل قطرة مياه لإسرائيل وبدأت إسرائيل محاولات الضغط على مصر .

تقرير المخابرات الفرنسية 1996م

• أذاع راديو أفريقيا رقم (1) الرئيس الموجه إلى أفريقيا جانبًا من تقرير المخابرات الفرنسية الصادر في نوفمبر 1996م , والذي كشف فيه دور إسرائيل في أفريقيا , والمعروف أن فرنسا كانت تحتل موقع الوصاية على نحو 50% من الدول الأفريقية تحت مسمى " الفرانكفونية " وقد أشار التقرير إلى أشياء كثيرة منها دور إسرائيل في إشعال الحرب بين الهوتو ـ التوتسي في روندا وبورندي وتلويث مياه النيل بإلقاء جثث القتلى في نهر " كاجيرا " الذي يفصل بين البلدين ودفن النفايات بالقرب من منابع النيل .

التحرك الأمريكي ـ الإسرائيلي في دول حوض النيل

• قامت أمريكا بالتحرك عالميًا لتغيير القواعد القانونية الدولية المعمول بها في إطار توزيع مياه الأنهار ، فأدخلت مفاهيم جديدة مثل ( خصخصة المياه / تسعير المياه / إنشاء بنك وبورصة للمياه ) .

• سعي البنك الدولي لخصخصة المياه في منطقة حوض النيل كي يدفع دول الحوض إلى الاستعانة بشركات كبرى وأنه لا سبيل إلى ذلك إلا بإلغاء الاتفاقيات السابقة ومنها الثنائية بين دول الحوض , وبالتالي ستلتزم مصر بالمعاهدة الجديدة وشراء المياه التي تزيد عن حصتها .

• قام " كلينتون " بزيارة أفريقيا في التسعينات وأعلن مبادرة الشراكة مع أفريقيا ومن ثم نشطت المنظمات الدولية وخاصة هيئة المعونة الأمريكية ومكتب الاستصلاح الأمريكي بالتحرك في أفريقيا .

• أنشأت إسرائيل مركز التعاون الدولي في وزارة الخارجية ( الموشاف ) ويُعتبر أهم وسيلة للاتصال بدول حوض النيل وخاصة في المجال الزراعي والمائي من خلال التعاون مع هيئة المعونة الأمريكية ومكتب الاستصلاح الأمريكي .

آليات التحرك الأمريكي ـ الإسرائيلي في دول المنابع

• إعطاء دول المنابع أولوية قصوى لمواجهة الحركات الإسلامية في أفريقيا واحتواء السودان .

• رعاية مجموعة من القادة الجدد من زعماء حوض النيل منذ التسعينات عن طريق الانقلابات العسكرية أو غيرها وتزويدهم بالسلاح وتدريب الجيوش والحرس الخاص .

• تحريض دول حوض النيل وإشعارهم بالظلم نتيجة الاستخدام المصري المسرف للمياه وعدم مشروعية الاتفاقيات السابقة التي تمت في عهود الاحتلال .

• سيطرة الشركات الأمريكية والغربية على مجمل مشاريع الري في هذه البلاد .

• قامت إسرائيل بتنفيذ عدد من السدود في أثيوبيا بواسطة مكتب الاستصلاح الأمريكي وبمعونة إسرائيلية وهي مشاريع سد ( منشا ) ( حور الفاش ) ( سينت ) ( الليبرو ) وفي حال اكتمال هذه المشروعات سوف تؤثر على حصة مصر بمقدار 7 مليارات م3 .

• أقامت عدد من الشركات الإسرائيلية مشاريع متعددة بالقرب من بحيرة " تانا " وعلى المرتفعات الأثيوبية التي ينبع منها النيل الأزرق وكان الحضور الإسرائيلي في بحيرة " تانا " هو المقدمة لبناء يد " تانابليز " بتمويل إيطالي والذي تم افتتاحه في 14/5 أثناء اجتماع " عنتيبي " حيث تم التوقيع على الاتفاقية الإطارية لدول حوض النيل ليضاف إلى زميله سد " بكيزي " الذي أنشأ العام الماضي ويُعتبر أعلى سد في أفريقيا ( ارتفاع 188 م ) والذي مولته الصين ويحجز حوالي ( 8 مليار م3 ) .

• في سبتمبر 2009م زار وزير الخارجية الإسرائيلي المتطرف افيجدور ليبرمان 5 دول أفريقية بينها 3 دول من حوض النيل واستغرقت الزيارة 10 أيام وقَّع خلالها اتفاقية شراكة لإدارة المياه في " نيروبي " عاصمة كينيا والمعروف أن كينيا هي مركز الكنائس العالمي في أفريقيا الذي أنشأته المخابرات المركزية C . I . A ويوجد تعاون وثيق بين الكنيسة الإثيوبية وبينه .

• في أكتوبر 2009م كشفت وزارة الخارجية المصرية أن إسرائيل وافقت على تمويل إنشاء 5 سدود لتخزين مياه النيل في تنزانيا وروندا , وكان نصيب تنزانيا من هذه السدود 4 سدود , أما روندا فسد واحد , وأشارت إلا أن كلاً من الدولتين ستنشآن هذه السدود دون إخطار مصر وأخذ موافقتها المسبقة .

• عقب توقيع اتفاقية مايو 2010م بعث " نتنياهو " رئيس وزراء إسرائيل برسالة تهنئة بمناسبة التوقيع .

• تلعب أمريكا وإسرائيل دورًا هامًا ورئيسيًا في فصل جنوب السودان عن شماله ( عام 2011م ) وفي هذه الحالة ستصبح جنوب السودان دولة مسيحية خالصة لتكون المثلث المسيحي ( أثيوبيا ـ كينيا ـ جنوب السودان ) ولتشكل الدولة الحادية عشر من دول حوض النيل .



التحرك الأمريكي الإسرائيلي في البحر الأحمر

البحر الأحمر يتمتع بأهمية خاصة حيث هو قناة الوصل بين البحار المفتوحة في المحيط الاطلنطي والمحيط الهندي عبر البحر المتوسط وقناة السويس .

وباب المندب و هو أحد الممرات الرئيسية للملاحة والتجارة الدولية كما أنه يمثل شريان الحياة الذي ينقل النفط الخام من دول الخليج لأوربا .

ويعود الاهتمام الاسرائيلي بالبحر الاحمر الي ما قبل قيام الدولة الصهيونية عام 1948 م حيث طالبت الحركة الصهيونية بضرورة السيطرة علي منافذ البحر الأحمر من اجل تأمين وحماية إسرائيل وكان احتلال اسرائيل بعد ذلك لقرية أم الرشراش المصرية التي حولتها فيما بعد الي ميناء إيلات علي خليج العقبة عام 1949 م .

اسرائيل ومحاولة الهيمنة علي البحر الاحمر

استطاعت إسرائيل استثمار علاقتها مع إثيوبيا والحصول على جزيرة ( دهلك ) في البحر الأحمر عام 1975م لتقيم عليها أول قاعدة عسكرية وتلا ذلك استثمار جزيرتي ( سنشيان ) و ( دميرا ) والأخيرة هي أقرب الجزر الإريترية ـ التي توجد بها القوات الإسرائيلية ـ إلى باب المندب , وأكَّدت مصادر دبلوماسية غربية في أسمرا وأديس أبابا وجود طائرات إسرائيلية مجهزة بمعدات تجسس متطورة في ( دهلك ) .

حاولت اسرائيل استغلال الحرب في الصومال لايجاد موطأ قدم لها في منطقة أرض الصومال كما استغلت في السابق علاقتها بارتريا في الاستيلاء علي جزر " حنيش "

استطاعت إسرائيل الاستيلاء علي السفينة التجارية ( كارين ايه ) التابعة للسلطة الفلسطينية عام 2002 علي بعد 500 ك من شاطيء ايلات في عمق البحر الاحمر بحجة انها تحمل متفجرات واقتادتها الي ميناء ايلات في عملية استعراض للعضلات وقرصنة سافرة

صاغت امريكا واسرائيل رؤية مشتركة في البحر الاحمر ثثمثل فيما يلي :

- الاحتفاظ بقوة بحرية وجوية وبرية ضاربة للتحرك السريع في اي صراع ينشأ بين بلدان هذه المنطقة وتتاثر به مصالحها .

- اجهاض اي تعاون عربي للدول المطلة علي البحر الاحمر لجعله بحيرة عربية خاضعة للسيطرة الكاملة كما كان الحال ما بين عام 1976 - 1973 م

- تأسيس منظومة تحالف استراتيجية مع الدول الغير عربية والمتشاطئة للبحر .

- تأمين المضايق " باب المندب جنوبا " و " تيران شمالا " من خلال الوجود المكثَّف سياسيًا وعسكريًا .

الخميس، 17 يونيو 2010

النيـل والمستقبـل ( 3 – 5 ) م : فتحي شهاب (الاتفاقيات بين مصر ودول حوض النيل)

سعت مصر منذ القدم إلى تنظيم علاقاتها بدول حوض النيل والاتصال الدائم بدولها بالاتفاق على الأسلوب الأمثل لاستغلال مياه نهر النيل بما يعود على كل دول الحوض مع الحفاظ على حق مصر التاريخي في مياه نهر النيل , وبالفعل نجحت مصر في ذلك من خلال عقد العديد من الاتفاقيات سواء على المستوى الثنائي أو الإقليمي , يصل عددها إلى أكثر من 15 اتفاقية , وقع بعضها أبان فترات الاستعمار وكان لها تأثير على العلاقات الحالية بين مصر ودول الحوض .

أ – الاتفاقيات الثنائية :

1- الهضبة الأثيوبية :

هناك خمسة اتفاقيات تنظم العلاقة بين مصر وإثيوبيا والتي يرد من هضبتها 85% من مجموع نصيب مصر من مياه النيل :

- بروتوكول روما الموقع في 15إبريل 1891 بين كل من بريطانيا وإيطاليا التي كانت تحتل إريتريا في ذلك الوقت ـ بشأن تحديد مناطق نفوذ كل من الدولتين في أفريقيا الشرقية , وتعهدت إيطاليا في المادة الثالثة من الاتفاقية بعدم إقامة أية منشآت لأغراض الري على نهر عطبرة يمكن أن يؤثر على تصرفات النيل .

- اتفاقية أديس أبابا الموقعة في 15 مايو 1902 بين بريطانيا وإثيوبيا ، تعهد فيها الإمبراطور " منيليك الثاني " ملك إثيوبيا بعدم إقامة أو السماح بإقامة أي منشآت على النيل الأزرق أو بحيرة تانا أو نهر السوباط من شأنها أن تعترض سريان مياه النيل إلا بموافقة الحكومة البريطانية والحكومة السودانية مقدَّمًا .

- اتفاقية لندن الموقعة في 13 ديسمبر 1906 بين كل من بريطانيا وفرنسا وإيطاليا , وينص البند الرابع منها على أن تعمل هذه الدول معًا على تأمين دخول مياه النيل الأزرق وروافده إلى مصر .

- اتفاقية روما وهي عبارة عن مجموعة خطابات متبادلة بين بريطانيا وإيطاليا في 1925 , وتعترف فيها إيطاليا بالحقوق المائية المكتسبة لمصر والسودان في مياه النيل الأزرق والأبيض وروافدهما , وتتعهد بعدم إجراء أي إشغالات عليهما من شأنها أن تنقص من كمية المياه المتجهة نحو النيل الرئيسي .

- إطار التعاون الذي تم توقيعه في القاهرة في الأول من يوليو 1993 بين كل من الرئيس المصري محمد حسني مبارك ورئيس الوزراء الإثيوبي ـ آنذاك ـ ميليس زيناوي , وكان لهذا الإطار دور كبير في تحسين العلاقات المصرية الإثيوبية فيما يتعلق بمياه النيل في النقاط التالية :

• عدم قيام أي من الدولتين بعمل أي نشاط يتعلق بمياه النيل قد يسبب ضررًا بمصالح الدولة الأخرى .

• ضرورة الحفاظ على مياه النيل وحمايتها .

• احترام القوانين الدولية .

• التشاور والتعاون بين الدولتين بغرض إقامة مشروعات تزيد من حجم تدفق المياه وتقليل الفواقد .



2- الهضبة الاستوائية :

تعد المصدر الثاني لمياه النيل حيث يصل 15% من مياهها إلى مياه النيل وتضم ستة دول هى :كينيا ، تنزانيا ،أوغندا ، الكونغو الديمقراطية، رواندا وبوروندى، و تنظم العلاقة المائية بينهم وبين مصر عدد من الاتفاقيات أهمها :

- اتفاقية لندن الموقعة في مايو 1906 بين كل من بريطانيا والكونغو – وهى تعديل لاتفاقية كان قد سبق ووقعت بين ذات الطرفين في 12 مايو 1894 ، وينص البند الثالث منها على أن تتعهد حكومة الكونغو بألا تقيم أو تسمح بقيام أي إشغالات على نهر السمليكي أو نهر أسانجو أو بجوارهما يكون من شأنها خفض حجم المياه التي تتدفق في بحيرة ألبرت ما لم يتم الاتفاق مع حكومة السودان .

- اتفاقية 1929 وهى عبارة عن خطابين متبادلين بين كل من رئيس الوزراء المصري آنذاك محمد محمود وبين المندوب السامي البريطاني لويد ، وكلا الخطابين موقعين بتاريخ 7 مايو 1929 ومرفق بهما تقرير للجنة المياه الذي سبق إعداده في عام 1925. ويعتبر هذا التقرير جزءاً من هذه الاتفاقية ،وكان توقيع بريطانيا على هذه الاتفاقية نيابة عن كل من السودان وأوغندا وتنجانيقا {تنزانيا حالياً} وجميعها دول كانت تحتلها بريطانيا آنذاك وأهم ما ورد في تلك الاتفاقية :

أ- ألا تقام بغير اتفاق مسبق مع الحكومة المصرية أعمال ري أو توليد قوى أو أي إجراءات على النيل وفروعه أو على البحيرات التي ينبع منها سواء فى السودان أو في البلاد الواقعة تحت الإدارة البريطانية من شأنها إنقاص مقدار المياه الذي يصل لمصر أو تعديل تاريخ وصوله أو تخفيض منسوبه على أي وجه يلحق ضرراً بمصالح مصر.

ب- وتنص الاتفاقية أيضاً على حق مصر الطبيعي والتاريخي في مياه النيل .

3-اتفاقية لندن الموقعة فى 23 نوفمبر 1934 بين كل من بريطانيا نيابة عن تنجانيقا{تنزانيا حالياً}وبين بلجيكا نيابة عن رواندا وأوروندى {رواندا وبوروندى حالياً} وتتعلق باستخدام كلا الدولتين لنهر كاجيرا.

4-اتفاقية 1953 الموقعة بين مصر وبريطانيا نيابة عن أوغندا بخصوص إنشاء خزان أوين عند مخرج بحيرة فيكتوريا ، وهى عبارة عن مجموعة من الخطابات المتبادلة خلال عامي 1949 و1953 بين الحكومتين المصرية والبريطانية ،ومن أهم نقاط تلك الاتفاقية:

-أشارت الاتفاقيات المتبادلة إلى اتفاقية 1929 وتعهدت بالالتزام بها ونصت على أن الاتفاق على بناء خزان أوين سيتم وفقاً لروح اتفاقية 1929 .

- تعهدت بريطانيا في تلك الاتفاقية نيابة عن أوغندا بأن إنشاء وتشغيل محطة توليد الكهرباء لن يكون من شأنها خفض كمية المياه التي تصل إلى مصر أو تعديل تاريخ وصولها إليها أو تخفيض منسوبها بما يسبب أى إضرار بمصلحة مصر.

5- اتفاقية 1991 بين كل من مصر وأوغندا التي وقعها الرئيس مبارك والرئيس الأوغندي موسيفينى ومن بين ما ورد بها :

- أكدت أوغندا في تلك الاتفاقية احترامها لما ورد في اتفاقية 1953 التي وقعتها بريطانيا نيابة عنها وهو ما يعد اعترافاً ضمنياً باتفاقية 1929.

- نصت الاتفاقية على أن السياسة التنظيمية المائية لبحيرة فيكتوريا يجب أن تناقش وتراجع بين كل من مصر وأوغندا داخل الحدود الآمنة بما لا يؤثر على احتياجات مصر المائية.



3- اتفاقيات المياه الموقعة بين مصر والسودان

هناك اتفاقيتان لتنظيم العلاقة المائية بين مصر والسودان وهما :

1- اتفاقية 1929

تنظم تلك الاتفاقية العلاقة المائية بين مصر ودول الهضبة الاستوائية ،كما تضمنت بنوداً تخص العلاقة المائية بين مصر والسودان وردت على النحو التالي في الخطاب المرسل من رئيس الوزراء المصري والمندوب السامي البريطاني :

- إن الحكومة المصرية شديدة الاهتمام بتعمير السودان وتوافق على زيادة الكميات التي يستخدمها السودان من مياه النيل دون الإضرار بحقوق مصر الطبيعية والتاريخية في تلك المياه .

- توافق الحكومة المصرية على ما جاء بتقرير لجنة مياه النيل عام 1925 وتعتبره جزءاً لا ينفصل من هذا الاتفاق .

- ألا تقام بغير اتفاق سابق مع الحكومة المصرية أعمال ري أو توليد قوى أو أي إجراءات على النيل وفروعه أو على البحيرات التي تنبع سواء من السودان أو البلاد الواقعة تحت الإدارة البريطانية من شأنها إنقاص مقدار المياه الذي يصل لمصر أو تعديل تاريخ وصوله أو تخفيض منسوبه على أي وجه يلحق ضرراً بمصالح مصر .

- تقدم جميع التسهيلات للحكومة المصرية لعمل الدراسات والبحوث المائية لنهر النيل في السودان ويمكنها إقامة أعمال هناك لزيادة مياه النيل لمصلحة مصر بالاتفاق مع السلطات المحلية .

2- اتفاقية 1959

وقعت هذه الاتفاقية بالقاهرة في نوفمبر 1959 بين مصر والسودان ، وجاءت مكملة لاتفاقية عام 1929 وليست لاغيه لها ، حيث تشمل الضبط الكامل لمياه النيل الواصلة لكل من مصر والسودان في ظل المتغيرات الجديدة التي ظهرت على الساحة آنذاك وهو الرغبة في إنشاء السد العالي ومشروعات أعالي النيل لزيادة إيراد النهر وإقامة عدد من الخزانات في أسوان . وتضم اتفاقية الانتفاع الكامل بمياه النيل على عدد من البنود من أهمها :

- احتفاظ مصر بحقها المكتسب من مياه النيل وقدره 48 مليار متر مكعب سنوياً وكذلك حق السودان المقدر بأربعة مليار متر مكعب سنوياً .

- موافقة الدولتين على قيام مصر بإنشاء السد العالي وقيام السودان بإنشاء خزان الروصيرص على النيل الأزرق وما يستتبعه من أعمال تلزم السودان لاستغلال حصته ، كما نص هذا البند على أن توزيع الفائدة المائية من السد العالي والبالغة 22 مليار متر مكعب سنوياً توزع على الدولتين بحيث يحصل السودان على 14.5 مليار متر مكعب وتحصل مصر على 7.5 مليار متر مكعب ليصل إجمالي حصة كل دولة سنوياً إلى 55.5 مليار متر مكعب لمصر و18.5 مليار متر مكعب للسودان .

- قيام السودان بالاتفاق مع مصر على إنشاء مشروعات زيادة إيراد النهر بهدف استغلال المياه الضائعة فى بحر الجبل وبحر الزراف وبحر الغزال وفروعه ونهر السوباط وفروعه وحوض النيل الأبيض ، على أن يتم توزيع الفائدة المائية والتكلفة المالية الخاصة بتلك المشروعات مناصفة بين الدولتين .

- إنشاء هيئة فنية دائمة مشتركة لمياه النيل بين مصر والسودان .

ملاحظة هامة : رغم أن الموقف السوداني في ملف المياه قريبُ من نظيره المصري بحكم المصلحة والأضرار المشتركة؛ فإن مصر مهددة بفقدان 8 مليارات متر مكعب من المياه سنويًّا كانت تذهب إليها من حصة السودان الأصلية، بعد التشغيل الكامل لسد "مروي" الذي أقامه السودان على نهر النيل عند الجندل الرابع في منطقة النوبة، وبدايةً من هذا الصيف سيقوم السودان -ولأول مرة- بحجز نصيبه من مياه النيل كاملاً، والذي قرَّرته اتفاقية 1959م، ومقداره 18.5 مليار متر مكعب من المياه؛ حيث كانت كميات المياه الفائضة من حصة السودان تترك لتنساب إلى مصر كحصةٍ إضافيةٍ مؤقتةٍ.

وقد زادت قدرة التخزين في السودان قبل بناء سد مروي قليلاً بتعلية "سد الروصيرص" في تسعينيات القرن الماضي دون استشارة مصر؛ بسبب التوترات السياسية آنذاك، وحيث إن مصر دبَّرت أمورها على أن هذه الحصة الإضافية من المياه ستكون دائمة أو أنها ستستمر سنوات طويلة؛ حيث إن صانعي القرار في مصر اعتقدوا أنه سيكون من الصعب على السودان- وهو في حالته السياسية والاقتصادية التي كان عليها- أن يتمكن من بناء الخزانات الكبيرة ذات التكلفة العالية، وقد قُدِّرت تكاليف سد مروي بـ800 مليون يورو جاء 30% منها من بنك الصين للاستيراد والتصدير، وجاء الباقي من الصناديق العربية للتنمية.

يتلخص موقف دول منابع حوض النيل من تلك الاتفاقيات في :

أولاً : عدم مشروعية اتفاقيات مياه النيل السابقة والمطالبة بالتغيير نظراً لكونها أبرمت في الحقب الاستعمارية، ومن ثم تدعو دول المنبع بإحلالها باتفاق جديد.

ثانيًا : عدم لزومية شرط الإخطار المسبق عند القيام بمشروعات مائية قطرية أو جماعية أو فردية على مجرى الحوض المائي ، حيث ترى دول المنبع عدم التقيد بالإخطار المسبق كشرط سابق على أي مشروعات مائية تزمع إنشاءها لأن ذلك يعوق مشروعاتها التنموية.

ثالثًا : سعى دول المنبع لتمرير اتفاق إطاري تعاوني جديد بغية إنشاء مفوضية دائمة لدول حوض النيل بغض النظر عن مشاركة دولتي المصب مصر والسودان وذلك عوضاً عن الاتفاقيات القديمة لتوزيع مياه النيل مع فتح الباب لانضمامهما في المستقبل، بحيث تستطيع الذهاب للدول المانحة لتمويل مشروعاتها النيلية والزراعية ، ومن ثَمَّ بدأت المبادرات والاجتماعات لتحقيق أهداف دول المنابع كالتالي :

- مبادرة 1999م :

وهي تقوم على مبدأين أساسيين؛ هما: تحقيق المنفعة للجميع (win–win)، وعدم الضرر، إلا أنها آلية مؤقتة لا تستند إلى معاهدة أو اتفاقية دائمة وشاملة تضم دول الحوض جميعًا، لكن الحاجة أبرزت ضرورة قيام إطارٍ قانونيٍّ ومؤسَّسيٍّ يكون بمثابة دستورٍ مُلزِمٍ لدول الحوض.

- يونيو 2007م :

تمَّ عقد مؤتمر لوزراء المياه في دول الحوض في "عنتيبي"؛ حيث تمَّ الاتفاق على رفع بند الأمن المائي إلى رؤساء الدول والحكومات بحوض النيل لحل الخلافات حول الصياغة، وإحالة بند الإخطار المسبق عن المشروعات إلى الهيئة الفنية الاستشارية لدول الحوض.

- مايو 2009م :

عُقد اجتماع وزاري لدول حوض النيل في " كينشاسا " عاصمة الكونغو الديمقراطية لبحث الإطار القانوني والمؤسسي لمياه النيل ورفضت مصر التوقيع على الاتفاقية بدون وجود بند صريح يحافظ على حقوقها التاريخية في مياه النيل .

- 5 يوليو 2009م :

أصدرت الدول والجهات المانحة لدول حوض النيل بيانًا مشتركًا حدَّدت فيه موقفها من نتائج اجتماع كينشاسا على أساس قيام مبادرة تستهدف حوض النيل بكامله، على أن تلتزم الجهات المانحة بدعم المبادرة.

- 26/27 يوليو 2009م :

اجتمع المجلس الوزاري السابع عشر لدول حوض النيل في الإسكندرية؛ حيث سعت دول المنبع إلى فرض إقامة "مفوضية" لحوض النيل، بغض النظر عن مشاركة دولتي المصب (مصر والسودان)، عوضًا عن الاتفاقيات القديمة لتوزيع المياه، ولما اشتدَّت الخلافات بين دول الحوض قرَّر المؤتمر الاستمرار في المفاوضات والتشاور لمدة 6 أشهر قادمة، على أن يتم الانتهاء من حسم نقاط الخلاف للوصول إلى اتفاقية موحدة تجمع دول حوض النيل أو مبادرة دول حوض النيل.

- 14 مايـو2010م ( اتفاقية عنتيبي )

قام وزراء المياه لأربعِ حكوماتٍ من دول حوض النيل العشر بالتوقيع في مدينة عنتيبي بأوغندا على اتفاقية الإطار التعاوني لحوض النيل. وهذه الدول الأربع هي إثيوبيا وتنزانيا وأوغندا ورواندا ، المفاجأة الكبرى كانت تخلف كينيا وبورندي والكونغو الديمقراطية عن التوقيع في ذلك اليوم. فقد كانت هذه الدول السبع قد أصدرت بياناً مشتركاً عقب انهيار اجتماع دول حوض النيل في شرم الشيخ في منتصف أبريل الماضي أكدت فيه عزمها على المضي قدماً بالتوقيع على الاتفاقية، وحددت الرابع عشر من مايو كموعدٍ للتوقيع. غير أنّ كينيا انضمَّت بعد خمسة أيام، وتحديداً في 19 مايو، إلى الدول الموقّعة، مرجّحةً عددها إلى خمس دول ثم انضمت إليهم بورندي بعد ذلك .

وهكذا اجتمعت دول المنابع على مصر واستطاعت تنفيذ وعودها بإقرار تلك الاتفاقية ومن ثم تعميق حالة الانقسام والاختلاف بين دول الحوض العشر ؛ حيث تمثّل مصر والسودان تكتّلاً رفض منذ البداية ،التوقيع على الاتفاقية نضف إلى هذا موقف الدولة العاشرة لحوض النيل –إريتريا- والتي قررت عدم الانضمام كعضوٍ لمبادرة حوض النيل، واكتفت بوضعها كمراقبٍ. هذا الوضع المتأزمٌ أصلاً قد يزداد تعقيداً إذا قرر جنوب السودان الانفصال نتيجة الاستفتاء الذي سيعقد في يناير القادم, إذ قد تبرز للوجود الدولة الحادية عشر لحوض النيل. ماذا سيكون موقف هذه الدولة وإلي أي تكتُّلٍ ستنضم؟ هذا ما سوف تكشفه الأيام القادمة .....

الأربعاء، 16 يونيو 2010

النيـل والمستقبـل ( 2-5 ) .. ( مصر ودول حوض النيل ) ـ م : فتحي شهاب

حوض النيل هو التسمية التي تطلق على الدول الأفريقية التي يمر بها نهر النيل سواء تلك التي يجري فيها مساره مخترقًا أراضيها أو تلك التي توجد على أراضيها منابع نهر النيل أو تلك التي تجري على أراضيها الأنهار المغذية لنهر النيل .

ويبلغ عدد الدول المشاركة في حوض النيل عشرًا وهي من حيث الوفرة المائية كما يلي :

1- أثيوبيا 2- أوغندا 3- السودان 4- جمهورية الكونغو الديمقراطية ( زائير)

5- تنزانيا 6- كينيا 7- روندا 8- بورندي 9- مصر 10- إريتريا

1- أثيوبيـا

أثيوبيا عبارة عن هضبة فوقها العديد من الجبال العالية , وينبع النيل الأزرق من الجزء الشمالي الغربي من الهضبة ؛ حيث مستودعه الرئيسي ( بحيرة تانا ) ويلتقي في السودان مع النيل الأبيض عند مدينة الخرطوم ليواصل رحلته بعد ذلك إلى مصر .

وتعتبر أثيوبيا أكثر دول حوض النيل أهمية بالنسبة لمصر ؛ حيث أن 85% من مياه النيل تأتي عن طريق الهضبة الأثيوبية ( النيل الأزرق ) .

يبلغ عدد سكانها 77 مليون نسمة , وتبلـغ مساحتهـا 1.127 مليون كم2 , وتُسمــى أثيوبيــا بـ ( نافورة المياه ) لكثرة المياه فيها , ويبلغ إجمالي الموارد المائية فيها 150 مليار م3 موزعة كالتالي :

- 40 مليار م3 من مياه الأمطار .

- 20 مليار م3 من مياه جوفية .

- 90 مليار م3 من مياه الأنهار بما فيها مياه نهر النيل .

2- أوغنـدا

تمثل القلب النابض للنيل وجسده الرئيسي فمنها بدايته العملية وفيها نهايته قبل الدخول للسودان كما أن معظم إمكانيات التنمية للنيل وروافده سواء لاستقطاب الفاقد أو لتوليد الكهرباء تقع في أوغندا .

يبلغ عدد سكانها نحو 24.6 مليون نسمة , وتبلغ مساحتها 236 ألف كم2 , يقع 90% منها في حوض النيل ومعدل الزيادة السكانية 3.1% , وهي الدولة الوحيدة المؤهلة لتكون المركز الرئيسي لكل التحركات والمشروعات المرتبطة بتنمية حوض النيل .

وتبلغ الموارد المائية في أوغندا 53 مليار م3 منها :

- 34 مليار م3 أمطار .

- 19 مليار م3 من مياه الأنهار .

3- السودان

تبلغ مساحة السودان 2.50 مليون كم2 , ويبلغ عدد سكانها حوالي 34.4 مليون نسمه , ومعدل النمو السكاني 2.7% , يبلغ إجمالي الموارد المائية في السودان 22.3 مليار م3 كلها من الموارد التقليدية , وتمثل الموارد السطحية النصيب الأكثر وداخل هذا النصيب الأكبر فإن حصة السودان المكتسبة في مياه النيل والبالغة 18.5 مليار م3 هي المساهم الرئيسي وإن كان السودان لا يُستغل منها إلا نحو 14.5 مليار م3 , بينما تسهم الوديان الموسمية بمقدار 3.3 مليار م3 , والمياه الجوفية بـ 0.5 مليار م3 .

4- جمهورية الكونغو ( زائير سابقًا )

تعتبر شلال المياه المتدفق ويعتبر نهر زائير أكبر أنهار القارة الذي يلقي في البحر نحو عشرين ضعفًا إيراد النيل , وتبلغ مساحتها نحو 2.34 مليون كم2 , ويبلغ عدد سكانها 50 مليون نسمة , ومعدل الزيادة السكانية 3.2%

5- تنزانيـا

تبلغ مساحتها نحو 945 ألف كم2 , ويبلغ عدد سكانها نحو 31 مليون نسمة , ومعدل الزيادة السكانية 2.8% , ومساحة الجزء من حوض النيل في أراضي تنزانيا تمثل 12% من مساحتها الكلية , ونسبة مساحة بحيرة فيكتوريا الواقعة في أراضيها تبلغ 50% , يبلغ إجمالي الميـاه المتاحـة فـي تنزانيـا 76 مليار م3 موزعة كالتالي :

- 34 مليار م3 من مياه الأمطار .

- 19 مليار م3 من مياه الأنهار .

- 23 مليار م3 من المياه الجوفية .

6- كينيـا

تبلغ مساحتها نحو 580 ألف كم2 , وعدد سكانها نحو 28 مليون نسمة بمعدل زيادة 3.7% , وتبلغ مساحة حوض النيل فيها بالنسبة لمساحتها الكلية 4% , ويبلغ إجمالي الموارد المائية المتاحة 22 مليار م3 منها 15 مليار م3 من مياه الأمطار .

7- رونـدا

تبلغ مساحتها 26.3 ألف كم2 , وعدد سكانها 8 مليون نسمة , ومعدل الزيادة السكانية 3% , ويّذكر أن روندا كان لها دور في مشكلة تلويث مياه النيل عام 1994 ؛ حيث وصلت عشرات الآلاف من الجثث الطافية فوق سطح المياه عابرة " نهر كاجيرا " لمسافة مائتي كيلو متر حتى استقرت في بحيرة فيكتوريا , واتضح أن هذه الجثث هم ضحايا الحرب الأهلية بين قبائل الهوتو التوتسي .



8- بورندي

يبلغ مساحتها 27.8 ألف كم2 , ويبلغ عدد سكانها 5.7 مليون نسمة , ومعدل الزيادة السكانية 3.1%

وتشترك روندا في حوض النيل بـ 90% من مساحتها الكلية , بينما بورندي تمثل 40% فقط من مساحتها ومن ثَمَّ فإن دور روندا وبورندي يتحدد أساسًا في مشروع تنمية حوض " نهر كاجيرا " الذي يصب في بحيرة فيكتوريا .

9- مصـر

بلغ إجمالي الموارد المائية لمصر عام 2000 ( 74.50 ) مليار م3 عندما كان عدد سكانها 62 مليون نسمة , حيث نصيب الفرد سنويًا حوالي 1194 م3 , وعندما يصل عدد سكان مصر إلى ( 86 مليون نسمة عام 2025 ) فإن الموارد المائية سوف تظل ثابتة 74.50 مليار م3 وفقًا لتقديرات عام 2000 وسوف تعجز مصر عن الوفاء بالاحتياجات المائية للأغراض المختلفة والتي تُقدَّر بـ ( 103.25 مليار م3 ) وسوف يصل نصيب الفرد سنويًا إلى 637 م3 ( أي أقل من حد الاستقرار بـ 363 م3 ) .

نخلص من ذلك إلى أن جميع دول حوض النيل لديها كثافة سكانية متوسطة ومعدل نمو سكاني مرتفع , وهذا النمو السكاني يتبعه بالضرورة الاحتياج إلى كميات إضافية من المياه وإذا أخذنا في الاعتبار ثبات الموارد المائية الموجودة الآن على الرغم من وفرتها في بعض المناطق فإن الفائض سيتحول إلى نقص في السنوات القادمة مما دعا دول الحوض إلى التفكير في إعادة تقسيم موارد المياه خاصة أن هناك قاسمًا مشتركًا يتمثل في انخفاض مستوى المعيشة ومتوسط دخل الفرد في تلك الدول .

والمشكلة الآن تكمن في أن دول المنبع تطالب بإعادة توزيع مياه النيل دون الأخذ في الاعتبار الاتفاقيات التاريخية , كما تريد أن تتصرف كل دولة بمفردها في إقامة المنشآت المائية دون الرجوع إلى دول المصب أو أخذ رأيها وأن يُؤخذ القرار بأغلبية التصويت وليس بالإجماع والمقصود بذلك مصر والسودان بالطبع , وهذا ما يدفعنا إلى الحديث عن الاتفاقيات المبرمة بين دول الحوض في المقال القــادم .

الثلاثاء، 15 يونيو 2010

النيـــــل والمستقبــــل ( 1- 5 ) ـ بقلم م. فتحي شهاب الدين


لم يكن غريبا أن يتعبد المصريون القدماء للنيل عبر العديد من الأرباب فهم " حابي " رب النيل و " خنوم " رب الفيضان " و " الضفدعة " ربة المياه .
ومن النيل اتخذت أقدم رموز المملكتين القديمتين قبل توحيدهم علي يد " مينا " مثل " نبات البردي " لمملكة الشمال وزهرة " اللوتس " لمملكة الجنوب .
لقد مثل النيل العمود الفقري للحياة المصرية في ميدان الزراعة والعقيدة والتنظيم الاجتماعي ومختلف جوانب الحياة , من طميه صنعوا الطوب اللبن لبناء بيوتهم ومن أخشاب أشجاره وغابه صنعوا أدواتهم وآلاتهم الموسيقية واقتاتوا علي المحاصيل والنباتات والحيوانات والطيور التي تعيش علي ضفافه .
وليس في العالم كله نهر له من الفضل علي قطر كبير وساكنيه مثلما لنهر النيل من الفضل علي مصر وساكنيها ولذا فقد حفل التراث الشعبي المصري ولهجت ألسنة الشعراء والأدباء ثناءََ علي النيل الذي كان ملهِماً لهم فهذا هو الشاعر المهندس محمود حسن إسماعيل في أوج معركة السويس يكتب عن النيل وتتحول كلماته إلي نشيد يردده الجميع :
أنا النيل مقبرة للغزاة أنا الشعب ناري تبيد الطغاة
أنا الموت في كل شبر إذا عدوك يا مصر لاحت خطاه

وفي قصيدته "النهر الخالد" يشيد بالنهر وجريانه بالليل والنهار حتي يصل إلي مصبه في مصر فيقول :

شابت علي أرضه الليالي وضيعت عمرها الجبال

ولم يزل ينشـــــد الديارا ويسأل الليل والنهارا

آه علي ســــــرك الرهيب وموجك التائه الغريب

يا نيل يا ســــاحر العيون

ولأن النيل ينبع من الحبشة حيث النجاشي ولأن أكثر المياه تأتي منها فقد تغني الشعراء بميلاد النيل :

النيل " نجاشي" حليوة أسمر عجب للونه دهب ومرمر



وللنيل موسمان : موسم الفيضان بين شهر يوليو وسبتمبر حيث يبلغ منسوبه 16 ذراعا - أو أكثر من ثمانية أمتار - وموسم التحاريق أو الجفاف بقية العام يبذر فيه المصريون الحبوب ويتابعون نموها حتي مواسم الحصاد .

وكان جفاف النهر وعدم وصول مياهه إلي الذراع السادسة عشر علي مقياسه هو أخطر الكوارث التي تحيق بالأرض والبشر والدولة والنظام فتنعدم الخيرات والمحاصبل وترتفع الأسعار ولا يعود هناك سوي الفوضي والخراب والمجاعة كما حدث في الشدة المستنصرية ( 1065 – 1071 م ) .

وفي العصر الحديث أدرك والي مصر " محمد علي باشا " أهمية النيل أكثر وقرر السيطرة عليه من المنبع إلي المصب .... وبالفعل تم له ذلك فسيطر جيشه علي ملتقي النيل الأبيض بالأزرق عام 1816 م , ثم قسم جيشه إلي قسمين : قسم سلك مجري النيل الأزرق والآخر سلك مجري النيل الأبيض محاولين الوصول إلي المنبع .

ورغم خروج المصريين من السودان عام 1885 م احتفظوا لأنفسهم بحامية عسكرية في المنطقة الاستوائية محاولين بذلك الإبقاء علي سيطرتهم علي أعالي النيل ..وبقيت هذه الحامية إلي عام 1892 م عندما خرجت بعد تآمر الانجليز علي مصر واحتلالهم لمصر والسودان .

وقد عبر اللورد ميلز – وهو كاتب انجليزي عني بنشاط بريطانيا في المستعمرات الأفريقية عن حالة المصريين نتيجة فقدانهم السيطرة علي نهر النيل بقوله :

( من المزعج أن نفكر في أن إمداد المياه المنتظم بواسطة النهر العظيم الذي هو بالنسبة لمصر ليس مسألة رخاء ورفاهية بل هو في الواقع مسألة حياة سيتعرض دائما للخطر طالما أن مياه أعالي النيل ليست تحت سيطرة مصرية ).

ثم يذهب اللورد ميلز إلي البعد المستقبلي - وكأنه كان يستشرف المستقبل - فيقول : ( من ينبئنا بما يحدث لو أن دولة متحضرة كبري أو ان دولة لديها مهارة فنية قامت في يوم ما بمشروعات هندسية في أعالي النيل وحولت المياه اللازمة للري في مصر من اجل ري تلك المنطقة , قد يبدو هذا الإجراء بعيدا .. لكن لن تشعر مصر بأي راحة أبدا ..... )

منــــابـــــع النيــــــــــل

يبسط النيل سلطانه على الجزء الأكبر من شرق أفريقيا ، ويبلغ طوله نحو 6700

كم من منابعه في الجنوب الشرقي من القارة وحتى البحر المتوسط ، وتقدر مساحة حوض النيل بنحو 2.9 مليون متر مربع ، وتشمل أجزاء من دول رواندا ، وبروندي ، تنزانيا ، كينيا ، وأوغندا ، وزائير ، وثلث الأراضى الإثيوبية ، وجزء كبير من مساحة السودان ومصر ومن المعروف أن الإيراد السنوي للنيل يختلف بين سنة وأخري فبينما يصل في أقلها إلي 42 مليار متر مكعب سنويا ، يرتفع في أكثرها إلي 150 مليار متر مكعب ، وقد بلغ متوسط الإيراد السنوي للنيل خلال القرن الحالي مقدراً عند أسوان 84 مليار متر مكعب سنويا ويستجمع مياهه من ثلاثة أحواض رئيسية هي:-

*الهضبة الأثيوبية

*هضبة البحيرات الاستوائية

*حوض بحر الغزال

أولا- الهضبة الأثيوبية:

تمثل الهضبة الأثيوبية أهم منابع النيل وأخطرها علي الإطلاق، إذ تمد النيل الرئيسي عند أسوان بنحو 85% من متوسط الإيراد السنوي (71مليار م3 سنويا ) خلال موسم الفيضان ومدته ثلاثة شهور فقط، وتتجمع مياه الهضبة الأثيوبية من عدد من الأنهر علي النحو التالي :

1- نهر السوباط

ويلتقي هذا النهر بالنيل الأبيض قرب مدينة ملكال جنوب السودان ويبلغ متوسط الايراد السنوي من مياه نهر السوباط نحو 11مليار متر مكعب مقدرة عند أسوان ، وأهم الفروع الرئيسية لنهر السوباط هي :

- نهر البارو، وإيراده السنوي المتوسط 13 مليار م3 يضيع منها 4 مليار م3 في مستنقعات مشار بجنوب السودان .

- نهر البيبور ويبلغ إيراده السنوي نحو2.8 مليار م3 يضيع منها نحو 8.مليار م3

2- النيل الأزرق

ويلتقي هذا النهر بالنيل الأبيض عند مدينة الخرطوم ، ويبلغ إيراده السنوي المتوسط مقدرا عند أسوان نحو 48 مليار م3 ويستجمع مياهه من عدد من الأنهر التي تنبع من جبال الهضبة الأثيوبية ومن بحيرة تانا .

3- نهر عطبرة

ويلتقي هذا النهر الرئيسي قرب الحدود المصرية السودانية ويبلغ متوسط الإيراد السنوي لمياه النهر نحو 11.5 مليار متر مكعب مقدرة عند أسوان.

ثانيا – الهضبة الإستوائية

ويمثل هذا المصدر أكثر المصادر انتظاما في امتداد النيل بالمياه علي مدار العام ويبلغ المتوسط السنوي للمياه الواردة من الهضبة الإستوائية نحو 13 مليار متر مكعب مقدرة عند أسوان , موزعة بين المصادر المختلفة علي النحو التالي:-

1- بحيرة فيكتوريا :

تعتبر أكبر ثاني بحيرة في العالم (23ضعف بحيرة تانا ، 11 ضعف بحيرة ناصر ) يقول "ونستون تشرشل" في كتابه (حرب النهر ) إن نهر النيل مثل نخلة البلح الكبيرة التي تمتد جذورها في وسط أفريقيا في بحيرة فيكتوريا ولها جذع كبير في مصر والسودان وقلبها وتاجها في دلتا مصر فإذا تم قطع الجذور فإن القلب سيجف وتموت النخلة .

- تبلغ مساحة البحيرة 67 ألف كيلو متر مربع ومساحة حوضها 195 ألف كيلو متر مربع وتقع البحيرة وحوضها في دول رواندا ، وبوروندي ، وتنزانيا ، وأوغندا ، وكينيا ، وزائير ، ولا يصل للبحيرة أكثر من 8% من جملة مياه حوضها وتصل المياه للبحيرة إما عن طريق الأمطار أو بعض الأنهار الصغيرة التي لا تعرف تصرفاتها بدقة ، وعن طريق نهر " الكاجيرا" الذي يعتبر من أهم مصادر المياه للبحيرة إذ يمدها بنحو 6 مليارات متر مكعب سنويا ويمر عبر مسيرته إلي البحيرة بدول رواندا وتنزانيا وبورندي وعلي الطرف الغربي من البحيرة يقع خزان أوين الذي يعتبر المخرج الرئيسي لها ويبلغ نحو 23.5 مليار متر مكعب سنويا لتصل إلي بحيرة كيوجا بنحو 22.5 مليار متر فقط.

2- بحيرة كيوجا

يمتد نيل فيكتوريا من بحيرة فيكتوريا حتي يصب في بحيرة كيوجا التي تقع داخل الأراضي الأوغندية ومن المعروف أن الأمطار المتساقطة علي البحيرة تفقد بالكامل نتيجة للتبخر والنتح من أوراق النباتات الطافية عليه ، علاوة علي فقد مليار متر مكعب آخر من المياه الواردة من نيل فيكتوريا وبذلك يبلغ متوسط الخرج السنوي من بحيرة كيوجا نحو 21.5 مليار متر مكعب متجهة عبر نيل فيكتوريا الي بحيرة ألبرت .

3- بحيرة ألبرت

وتقع هذه البحيرة في كل من أوغندا ، وزائير ، ويصب في طرفها الشمالي نيل فكتوريا ( 21.5 مليار م3 سنويا ) كما يصب في طرفها الجنوبي نهر السمليكي (4مليارت م3 سنويا ) ويستمد هذا النهر مياهه من بحيرات إدوارد وجورج وتخرج من البحيرة إلي نيل ألبرت 26,5 مليار م3 سنويا في المتوسط وتمثل المياه الواردة من نيل فيكتوريا ونهر السمليكى والأمطار المتساقطة .