السبت، 11 أكتوبر 2008

حول تصريحات وزير الري .. الامن المائي لمصر في خطر ـ م. فتحي شهاب الدين





صرح د. محمود أبو زيد وزير الري والموارد المائية في الاجتماع الوزاري الخامس والعشرين لدول حوض النيل المنعقد في 10/10/2008 أن وجود إسرائيل في دول حوض النيل لا يشكل خطورة علي أمن مصر المائي , وجاء تصريح الوزير المصري صادما مخيبا للآمال وضاربا عرض الحائط بكل الثوابت البديهية المعروفة والتي أشارت إليها كافة التقارير بأن إسرائيل هي المحرك الرئيسي لأزمة المياه في المنطقة وخاصة دول حوض النيل . لقد كانت مصر ولازالت هي الدولة الوحيدة من بين دول حوض النيل التسع التي تستفيد من مياه النيل استفادة كاملة مما أثار حفيظة إسرائيل التي تطالب منذ عام 1903 بـ 1% من مياه النيل في جميع الاتفاقيات أي حوالي 550 مليون متر مكعب من المياه .

لقد كان التفكير المصري ولا زال قائما علي أساس أن المياه متوفرة في أعالي النيل بأكثر مما تحتاجه تلك البلدان ولم يكن لدي مصر أي تخوف من دول المنبع إذ لم يكن لأي منها القوة العسكرية أو الاقتصادية أو المعرفة التقنية التي تؤهلها للعبث في مياه النيل ولكن تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن فبعد سقوط الاتحاد السوفيتي وسيطرة أمريكا واستخدامها لإسرائيل كرأس حربة في المنطقة قامت إسرائيل بالتحريض الدائم والمستمر لدول الجوار الاستراتيجي المشارك في حوض النيل لإشعارهم بالظلم الناتج عن الاستخدام المصري المسرف للموارد المائية عارضة عليها المساعدات العسكرية والمعونات والقروض مما دفع تلك الدول والتي كانت تسمي نفسها الدول الأصدقاء أو ( الاندوجو ) باللغة السواحلية إلي التخلي عن تعهداتها والتزاماتها التي وقعت عليها في الاتفاقيات المائية المبرمة بينها وبين مصر بحجة أن تلك المعاهدات كانت في ظل الاستعمار وان الموارد المائية لابد وان تقسم من جديد . وحيث أن 90% من إيراد النيل يأتي من إثيوبيا فقد بعثت إسرائيل بخبرائها في المياه إلي إثيوبيا والذين ساعدوها في إنشاء ثلاثة سدود علي روافد النيل الكبرى التي تدخل علي المجري الرئيسي في أجزاء متقدمة من جنوب إثيوبيا ثم السودان ثم مصر وقد أقرت إثيوبيا بهذه السدود الثلاثة ( بنشام – الليبرد – ستيد ) بحجة توليد الكهرباء وأقرت بوجود الخبراء الصهاينة هناك . ثم قامت الأيدي الصهيونية باللعب في جنوب السودان فأوقفت مشروع قناة " جونجلي " التي كانت ستوفر لمصر كمية إضافية قدرها 5 مليارات متر مكعب من المياه . وحيث أن البحيرات العظمي هي المصدر الأساسي لمياه النيل وأهمها بحيرة فيكتوريا ثاني أكبر بحيرة في العالم والتي قال عنها تشرشل " إن نهر النيل مثل نخلة البلح الكبيرة التي تمتد جذورها في وسط أفريقيا في بحيرة فيكتوريا ولها جذع كبير في مصر والسودان وقلبها وتاجها في دلتا مصر فإذا تم قطع الجذور فان القلب سيجف وتموت النخلة " لقد قامت إسرائيل بوضع استراتيجية تهدف إلي إعادة تشكيل منطقة البحيرات العظمي بما يخدم مصالحها في السيطرة علي الموارد المائية وإبقاء المنطقة كلها في صراعات أثنية وطائفية مستمرة فشهدت منطقة البحيرات منذ بداية عقد التسعينات صراعات مسلحة أثمرت مذابح بشعة راح ضحيتها الآلاف من الأرواح وقد شهد العالم اجمع ما جري في رواندا من قتال امتد إلي زائير وتنزانيا وأسفر عن مليون لاجيء من قبيلة " الهوتو " الذين هربوا من ديارهم خوفا من انتقام قبائل " التوتسي ".

وفي بورندي اشتعل القتال هناك متأثرا بما جري في رواندا . لقد أذاع راديو أفريقيا رقم واحد الرئيسي الموجه إلي أفريقيا جانب من تقرير المخابرات الفرنسية والذي أشار فيه إلي قيام إسرائيل بتزويد جيش رواندا وبورندي بالأسلحة القديمة بدون مقابل مادي لكسب ود السلطات الحاكمة في البلدين وحتي يمكنها التغلغل في منطقة البحيرات العظمي.

إن الوجود الاسرائيلي في البحيرات وتعزيز علاقاتها مع دولها وباقي دول حوض النيل هو بالدرجة الأولي موجه لأمن مصر واستقرارها وأنه إذا ما استقرت إسرائيل هناك فان كل مشروعات تنمية الموارد المائية المعتمدة علي أعالي النيل سوف تبوء بالفشل ومنها مشروع قناة " جونجلي " ومشروع " بحر الغزال " .

إن السكوت علي ما يحدث في البحيرات العظمي سوف يدعم الوجود الصهيوني هناك استكمالا لتواجدها الحالي في إثيوبيا وإرتريا وجنوب السودان ومن ثم استكمال حزامها العازل في منطقة النيل وضرب امن مصر في مقتل من ناحية الجنوب والمسالة الآن أصبحت قضية حياه أو موت فإما نكون أو لا نكون , فمارأي السيد وزير الري والموارد المائية المصري في هذا الكلام وهل لا يزال يعتقد أن وجود إسرائيل في دول حوض النيل لا يشكل خطورة علي أمن مصر المائي ؟ نرجو أن نسمع منه الإجابة ...