الثلاثاء، 27 يناير 2009

نتنياهـو ... وقواعـد اللعبــة ـ م/ فتحي شهاب الدين






أخيراً حدث الانقلاب وجاء اليمين اليهودي المتطرف إلي حكم إسرائيل يتزعمه " نتنياهو" و " ليبرمان " وجاءت لحظة الحقيقة عندما خذل الناخب الإسرائيلي " حكماء العرب " فمنح ثقته " لليكود" و " إسرائيل بيتنا " و " شاس " وهي الأحزاب الأكثر شراسة في معاداة العرب لتصبح المفاوضات علي قيام الدولة الفلسطينية أقرب إلي نهايتها حيث أن الأقطاب الصهاينة الجدد لن يسلكوا طريق المراوغة فهم أكثر وضوحا في إعلان شروطهم مما يعني أنهم لن يجاملوا السلطة الفلسطينية ولن يتستروا علي فضائحهم التفاوضية ولن يراعوا ظروفهم الصعبة .


فالحقيقة الواضحة تقول إن المفاوض الإسرائيلي المماطل والمتمثل في حزب " كاديما " أعطي "عباس " وفريقه أوراقا كثيرة ساعدته علي مماطلة شعبه بالادعاء أن القدس وتفكيك المستوطنات وحق العودة بنود ثابتة علي طاولة المفاوضات في انتظار المرحلة النهائية .


فمنذ أكثر من عشرين عاما وفريق السلطة يردد هذه الكلمات بلا ملل حتي حفظناها عن ظهر قلب كلما رأينا عباس أو صور أو أسماء من عينة ياسر عبد ربه , قريع , عريقات ..... وظننا أن المرحلة النهائية أصبحت قاب قوسين أو أدني والحقيقة أنه لم تكن هناك مرحلة نهائية ولا يحزنون ولم تكن هناك مرحلة نهائية في أي وقت من الأوقات إنما عشنا في نوع من الوهم والسراب الخادع الذي يحسبه الظمآن ماء .


ومن هنا يصدق القول بأن رئيس السلطة الفلسطينية وفريقه سوف يكون أكبر المتضررين من نجاح " نتنياهو- ليبرمان " باعتبار أن تحالفا بهذا التوجه السافر سيقطع حبل الكذب ويضع السلطة أولاًَََ والعرب ثانيًا أمام الحقيقة المرة والاستحقاقات الأمَّر منها .


لقد وضع الناخب الإسرائيلي الجميع في مأزق لا يمكن الخروج منه وكان يمكن للمأزق أن يكون أشد خطرا لو تزامن هذا الفوز مع عهد " بوش " المجرم إلا أن الله سلم بتحقيق التوازن بين " اوباما" الذي يبدو " عاقلا " وبين تحالف اليمين اليهودي " المجنون ".


هذه العودة لليمين المتطرف إلي سدة الحكم في إسرائيل تعني أمرا فوريا واحدا هو وضع التسوية الحالية في الثلاجة من الآن وحتي إشعار آخر وسيكون التفاوض إن تم من أجل التفاوض وذلك لسبب بسيط هو أن " الليكود " لا يؤمن أساسا بحل الدولتين ولا يؤمن بأوسلو وكان ومازال رأي "نتنياهو " هو البدء في تثقيف وتحضير ( من الحضارة ) الفلسطينيين لمدة 25 عام في مجالات السياسة والإدارة والاقتصاد قبل بدء التفاوض معهم ليس حول دولة فلسطينية إنما حول حكم ذاتي محدود تحت سلطة إسرائيل , منتهي الغطرسة ... منتهي الوقاحة ولا نلومه إنما نلوم أنفسنا .وإذا كان التاريخ يعيد نفسه فمن حقنا التذكير بهذه


الواقعة التاريخية عندما عاد حزب " الليكود " بزعامة "نتنياهو " إلي سدة الحكم في مايو 1996 والذي كان معارضا لأوسلو ويقول بأن الفلسطينيين أخذوا أكثر مما يستحقون ( رغم أنهم لم يأخذوا شيئا ) .






تعامل "نتنياهو" مع السلطة وقتئذ - عرفات - بكثير من الازدراء والتعالي وقام بتوسيع المستوطنات والاستيلاء علي الأراضي وتهويد القدس ورفض تطبيق الاتفاقيات أو التعاون مع السلطة ما لم تقضي علي المقاومة بنسبة 100% وعندما نشطت السلطة في ذلك وفي 23/10/1998 وقع معهم "نتنياهو " اتفاق " واي ريفر " في أمريكا وبحضور كلينتون وأولاده ( أي في جلسة عائلية ).


ولكن لم تكد "الحزينة تفرح " حتي قام " نتنياهو" نفسه بإلغاء الاتفاق في ديسمبر 1998 وفي أقل من شهرين من توقيعه ...!!!


لندع إذن" نتنياهو" يقول ما يقول فهذا شأنه وهو يعمل من أجل إسرائيل ولكن ماذا علينا أن نفعل وقد تغيرت قواعد اللعبة وأصبحت هناك حقائق جادة تفرض نفسها علينا . إن علي الجميع الآن أن يعيد حساباته بطريقة جديدة وبقواعد جديدة تلائم هذه المرحلة وتحدياتها منها :


• إن السلطة الفلسطينية مطالبة الآن وفورا بعملية تطهير ذاتي لمنظمة التحرير الفلسطينية التي أصبحت منظمة علي الورق لا وجود لها بعد أن تم قضمها وهضمها مرة من قبل فتح عندما استولت عليها ومرة من قبل سلطة الحكم الذاتي فكانت المنظمة " كالأمَة التي ولدت ربتها " يجب الآن وفورا بث الروح في هذه المنظمة بحيث تصبح جبهة عريضة للمقاومة والتحرير تجمع كل الفصائل المجاهدة ويجري تشكيلها من عموم الشعب الفلسطيني في الداخل والخارج .


• إنشاء ميثاق وطني فلسطيني جديد وإعادة بنوده التي تدعو للمقاومة وتحرير فلسطين والتي تم إلغاؤها بناءا علي طلب إسرائيل مرة في أوسلو عام 1993 ومرة في واي ريفر 1998.


• تجميد العمل باتفاقية أوسلو والتي تعتبر بحق " أم الكبائر " والانسحاب الفوري منها طالما أن إسرائيل لم تلتزم ببند واحد فيها .


• علي مصر أن تقوم فوراً بفك الحصار عن غزة وخاصة بعد أن تنصلت إسرائيل من كل وعودها وخذلتها في المفاوضات ولم تراعِ معها حسن الجوار كما يجب أن تقوم بتوقيع اتفاق طبيعي للمعابر مع الفلسطينيين لا يعترف بشرعية الاحتلال لأراضيهم وبالتالي لا يعترف بشرعية التحكم والمراقبة للمعبر الفلسطيني.


• وعلي العرب أن ينسوا تماما تلك المبادرة التي لفظتها إسرائيل نفسها وأصبحت في عالم النسيان كما أن عليهم التوقف عن تدشين أي مبادرات أخري حيث أن الوقت الآن ليس للمبادرات بل للتصدي والمقاومة .


وإذا ما حدث ذلك ستكون تلك البداية كي يمسك العرب بأوراق اللعبة في أيديهم.