السبت، 10 مارس 2007

يا أقباط مصر لا تسمعوا لدعاة العلمانية ـ م. فتحي شهاب





طالب نحو مائة شخصية علمانية فى نداء وجهوه لرئيس الجمهورية ورئيس مجلس الشعب والشورى بتعديل المادة الثانية من الدستور والخاصة بالشريعة الإسلامية لأنها تتناقض مع مبدأ المواطنة وتتجاهل أقباط مصر. والحقيقة أن المرء يحار فى فهم أولئك العلمانيين فرغم أنهم ليسوا بالكثرة إلا أنهم استطاعوا فى الفترة الأخيرة وبإيعاز من الحزب الحاكم أن يستولوا على أجهزة الإعلام فى مصر ويسخروا أنفسهم لحملة شرسة ومشبوهة ضد كل ما هو إسلامى وبالأخص الإخوان المسلمون وأصبحت برامج مثل " البيت بيتك " وغيرها ساحة لتجمع العلمانيين الكارهين لكل ما هو إسلامى وكانت الضجة التى كٌلفوا بإحداثها حول الشريعة الإسلامية مناسَبة تجلت فيها قدرتهم التزويرية من خلال تناولهم لمبدأ المواطنة وتحوٌّل الأقباط إلى مواطنين من الدرجة الثانية وكأنهم اكتشفوا عصا موسى التى ستبطل السحر الإسلامى، وإذا كان التكرار أحياناً يعلم الشطار من العلمانيين فإننا نكرر ونقول إن الشريعة الإسلامية لن تكون سوى قانون عام يطبق على الجميع بمساواة وعدالة من خلال قضاء حر ومستقل ونزيه دون افتئات على أحد والشريعة لا تعنى أن الإسلام كدين سيٌفرض على الأقباط وإذا كانت تعنى ذلك فيحق للمسلمين أن يحتجوا بأن فرض القوانين الغربية عليهم والمستمدة من تصورات مسيحية غربية يعنى فرض الكاثوليكية عليهم. أما عن إشاعة القيم الإسلامية فى المجتمع ومؤسساته فلا نظنه مما يغضب الأقباط أو يحولهم إلى مواطنين من الدرجة الثانية ولا نعتقد أن نشر الفساد والتفكك والإباحية أو السرقة والنهب وضياع كرامة وحقوق الإنسان سيحوّل الأقباط إلى مواطنين من الدرجة الأولى.

إن الأقباط أصحاب دين سماوى وليست هذه القيم بالغريبة عنهم ولا نظنهم يفضلون التغريب على أن تسود هذه القيم مجتمعنا إذا جاءت عن طريق الإسلام، وصياغة الفكر والثقافة والإعلام والتعليم بالمرجعية الإسلامية لا تعنى أن الأقباط سيتحولون إلى الإسلام لأنهم مكثوا على دينهم أربعة عشر قرناً فى ظل حكم إسلامى ولم يٌفرض عليهم الدين فى مجتمع كان الدين يحكم ثقافته وفكره وممارساته. ولا نظن أن الأقباط يفضلون سيادة قيم الأجانب والمستعمرين لمجرد أنهم يكرهون الإسلام وهذا هو ما يروج له اللادينيون والعلمانيون الذين يحملون أسماء إسلامية.

إن رسالة العلمانيين التى تفيض حباً فى المواطنة والخوف عليها إنما هى حق يراد به باطل وفزاعة الإسلام وحكم الشريعة ووصول الإخوان للحكم وإقصاء الأقليات والأقباط لا تنطلى على أحد فقد أعلن الإخوان برنامجهم السياسى وبينوا موقفهم من المواطنة والأقباط فى مبادرتهم للإصلاح فى مارس 2004 والتى أعلنوا فيها أن الأقباط جزء من نسيج المجتمع المصرى وأنهم شركاء الوطن والمصير وأن لهم ما لنا وعليهم ما علينا وأن حرية الاعتقاد والعبادة محترمة للجميع.


هذه المبادرة كافية لسد أفواه العلمانيين والكارهين للإسلام. إن الإنسان يصيبه حالة من الذهول لما يردده أولئك المرجفين عن الأقباط، فهل حرمتهم الشريعة من العمل أو التعلم أو الكسب أو التملك أو التنقل؟ وهل تسببت فى إهانة حرياتهم وكرامتهم واستباحة أعراضهم؟ الإجابة بالنفى كما يعلم الجميع. هل سيٌعزلون عن المسلمين ويرحَّلون إلى مناطق منعزلة " كالجيتو " والمستعمرات كما حدث لليهود وسط مسيحى الغرب وللزنوج وسط المسيحيين البيض فى جنوب أفريقيا؟ هل سيٌبادون كما أبيد المسلمون فى الأندلس وغيرها من بلاد أوروبا؟ ما الهدف إذن من وراء الإثارة الكاذبة لمثل هذه القضية. إن الأقباط ليسوا إلا مواطنين مصريين يعيشون مع مواطنين مصريين آخرين هم المسلمون والذين يشكلون غالبية سكان البلاد ومن حق الأغلبية أن تحكم دون الإخلال بقاعدة المساواة بأى حال وهذا هو الأساس الذى قامت عليه الديمقراطيات الغربية والأمريكية والتى صاغت القضية فى التعبير الشائع "حكم الأغلبية وحقوق الأقلية " Majority rule, Minority rights ولا يوجد أى تعارض بين حق الأكثرية المسلمة وحق الأقلية غير المسلمة فالمسيحى الذى يقبل أن يٌحكم حكماً علمانياً لا دينياً لا يضيره أن يٌحكم إسلامياً. وفى ظل الشريعة الإسلامية الذى عرفته البلاد فى أطول فترات تاريخها والذى لم يٌضرب إلا فى ظل الاستعمار الأجنبى الأوروبى لن يكون هناك تغيير ولا عزل لفئة قبطية أو غير قبطية اللهم إلا لأعداء الإسلام الصريحين من الملاحدة أو عملاء الغرب.

إن الإمعات الذين انطلقوا فى الصحف الحكومية وغير الحكومية وعلى شاشات الفضائيات يتباكون على الأقباط وما سيحدث لهم نقول لهم وفروا دمعة لمصير المسلمين الذين انتم محسوبون عليهم ولو بمجرد الأسماء وقبل أن تتحدثوا عن اضطهاد وهمى للأقباط:

تحدثوا عن الاضطهاد الواقع على غالبية الشعب المصرى من فساد وسرقة وبطالة وغلاء.

تحدثوا عن آلاف الشباب المودعون فى السجون والمعتقلات منذ عشرات السنين بتهمة الإسلام.


تحدثوا عن المحاكم العسكرية التى تعقد للإخوان المسلمين دون غيرهم وتلفيق التهم الكاذبة بغسيل الأموال والحجر على أموال الأطفال والقصر.

تحدثوا عن ترويع الآمنين وهجمات الأشاوس من ضباط أمن الدولة على بيوتهم واقتيادهم إلى السجون والمعتقلات دون جريرة أو ذنب.

أليس كل هذا اضطهاد ومع ذلك فقد عمى الإمَّعات عن ذلك وسكتوا عنه وصاروا باكين خائفين على المواطنة ومصير وحقوق الأقليات والأقباط، نقول لهم تباكوا أولاً على مصير الأغلبيات التى أنتم منها بالاسم والتى لم تصبح أغلبيات ليس بفضل تحديد النسل بل بفضل التفكك والتشتت وفقدان الهوية والعقيدة والشعور بالهوان. إن رفع ورقة المواطنة وحقوق الأقباط فى وجه الشريعة الإسلامية ليس أكثر من حيلة لا تنطلى على أحد ولا يمكننا أن نظل أبد الدهر مواجهين بهذه الحجة الزائفة مرددين نفس الكلمات عن تسامح الإسلام...الخ. إن هذا لن يجدى شيئاً لأن من يرفعون هذه التهمة فى وجوهنا لا يريدون المعرفة بل الفتنة والطعن والإثارة.

أيها السادة تباكوا علينا نحن المسلمين فقد أصبحنا مواطنين من الدرجة الثالثة ولم نصل بعد للدرجة الثانية.

" كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلا كذبا " صدق الله العظيم

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق