السبت، 22 نوفمبر 2008

الدكتور عبد المنعم سعيد يغرد خارج السرب ـ م / فتحي شهاب الدين







الدكتور/ عبد المنعم سعيد لمن لا يعرفه هو مدير مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بالأهرام والرجل ذو فكر ليبرالي يتبنى المشروع الأمريكي ويرَوّج له ويزود عنه بشدة وأحيانا باستماتة .



ولكن الرجل علي طول الخط لا يريد أن يتزحزح عن موقفه هذا .



كان أول ما لفت نظري للرجل مقالة في الأهرام وتحديدا في فبراير 2003 وقبل الغزو الأمريكي للعراق مباشرة وبعد أن القي "كولن باول" وزير الخارجية الأمريكي خطابه الشهير في مجلس الأمن الذي اتهم فيه العراق بحيازة أسلحة الدمار الشامل علق فيها علي كلام " باول" بقوله إن "الميزان الأخلاقي " تحول بعد إلقاء الخطاب لصالح الولايات المتحدة الأمريكية ثم قال بالحرف الواحد : إن المسرح أصبح جاهزا للحرب وأن علي الدول العربية أن تشارك حتي تحصل علي نصيبها من الغنائم العراقية "



وبعد أن أكدت المعلومات بعد ذلك أكذوبة أسلحة الدمار الشامل واعترف باول نفسه بان " الميزان الأخلاقي " لم يكن في صالحه قام الدكتور محمد السيد سليم في مقال بعنوان " دروس في أصول الحوار العقلاني" بالرد عليه بجريدة العربي طالبه فيه أن يعيد قراءة ما كتبه ويستخلص دلالته بالنسبة للمشروع الأمريكي في المنطقة والذي يدافع عنه الدكتور/ سعيد بكل ما أوتي من قوة و ذكَّره فيه بأن الأمريكان كان لديهم الشجاعة للاعتراف أما هو فلم يكن لديه الشجاعة .



أقول ذلك وأذكِّر بهذه الحادثة بالذات وتاريخها وابطالها لأن لها مدلولات وطنية وقومية لا تخفي علي احد فلا توجد انتهازية أكثر ممن ينادي ويستحث العرب علي الدخول مع الأمريكان لغزو العراق لقبض الثمن وأخذ النصيب من الغنائم وأترك لذكاء القاريء توصيف كاتب مثل هذا الكلام ومدي مصداقيته بعد ذلك , مما دعاني لعدم متابعة مقالات الرجل بعد ذلك حيث كنت أراها دائما مسكونة بالفخاخ لصالح مشروعه الذي يتبناه إلا أن ما أثارني حقا هو مقال الرجل في جريدة المصري اليوم في 16/11/2008 بعنوان " حان وقت الحساب " فإذا بريما تعود لحالتها القديمة وتتكرر الحادثة ولكن هذه المرة يقوم الدكتور / سعيد بخلط الأوراق ويجمع الشامي علي المغربي فيدَّعي تنسيقا يتم بين حماس التي اسماها تهكما " إمارة حماس " وبين قبائل سيناء لإثارة القلق والقلاقل داخل مصر وذلك - حسب قوله - حتي تتمكن من كسر العزلة المفروضة عليها دوليا وداخليا ويطالب بفتح الملف حيث أن وقت الحساب قد حان بين مصر وحماس !!!!



الدكتور / سعيد الاستراتيجي يطالب الدولة بدلاً من فك الحصار عن أهالي غزة يطالبها بفتح ملف



" الإمارة " وعمل اللازم بناءاً علي طلبه للحفاظ علي هيبة الدولة وعدم السكوت علي الأنفاق التي تحفر بمساعدة أهل سيناء لتقديم السلاح لحماس حسب قوله . لقد فعلت الحكومات العربية ما طلبه الدكتور سعيد وأخذت حصتها فعلا من الغنائم علي جثة الشعب العراقي المكلوم فماذا سوف يحصل النظام من إمارة غزة ياتري وهي تعاني الجوع ونقص الأنفس والثمرات ؟



وأنا أقول للدكتور / سعيد الاستراتيجي إذا كنت جادا في قولك ولست هازلاً فلماذا لا تطالب الدولة بفتح ملف الانتهاكات الإسرائيلية علي الحدود المصرية التي راح ضحيتها العشرات من جنود مصر بنيران القناصة الصهاينة وليس بنيران " إمارة حماس "؟!



ولماذا يا دكتور لم تطالب الدولة بفتح ملف الأسري المصريين الذين دفنتهم إسرائيل في رمال سيناء وإمعانا في الذل والإهانة قامت بنشر شريط فيديو يصور تلك الجرائم ؟ لماذا لم تحرك ساكنا يا دكتور فتطالب الدولة بفتح الملف أم أن أرواح المصريين لا تعنيك في شيء كما لم تعنك أرواح العراقيين الذين طالبت بغزوهم للحصول علي الغنائم ؟!



دعنا من شأن غزة والعراق ولندخل في لجنة السياسات بصفتك عضواً فيها وأنت تفخر بذلك أما جال بذهنك في يوم ما أن تفتح ملف الفساد الذي استشري في أرجاء مصر وأصبح ظاهرة وصلت للأعناق وليس للركب كما قلتم؟! وملف التزوير الذي طال كل الانتخابات التي تمت بمصر ابتدءا من انتخابات الشعب والشورى والمحليات وحتي الاتحادات الطلابية ؟!



أما جال بذهنك أن تفتح ملف مهزلة بيع مصر وأصول الدولة التي اخترعتموها في لجنة السياسات ؟



أرجو من الدكتور الاستراتيجي أن يوفر جهده وتفكيره في وضع حلول للكوارث الكبري التي أوقعنا فيها هو وزملاؤه في لجنة السياسات وأن يحاسبوا أنفسهم بدلا من محاسبة "إمارة حماس"



يا سيدي الدكتور لقد حولتم مصر إلي إمارة صغيرة أصغر من إمارة " قطر " بفكركم وفعالكم .



إنك تغرد خارج السرب , وأنصحك بان " الميزان الأخلاقي " ليس في صالحك.




الاثنين، 10 نوفمبر 2008

حتي أنت يا برادعي .... بقلم م. فتحي شهاب الدين




البرادعي هو محمد البرادعي المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية .
والخبر نشرته جريدة الدستور في 6/11/ 2008 علي لسان " جريجوري شولتي " المندوب الدائم للولايات المتحدة في الوكالة الدولية ومكتب الأمم المتحدة في فيينا ومفاده :
" أن البرادعي أكد للوكالة في ابريل 2008 بأن سوريا أقامت منشأة سرية في الصحراء قرب مدينة " الكيبار " وأنه يعتقد - أي البرادعي - أن هذه المنشاة مفاعل نووي يتم بناؤه سرا , ويمثل خرقا من جانب سوريا لاتفاقها مع الوكالة وأن هذا المفاعل يتم بمساعدة كوريا الشمالية وبصفات مشابهة لمفاعلها في " يونجيبون " الذي يتم إبطال مفعوله الآن ولكن تم استخدامه لإنتاج مادة " البلوتونيوم" المستخدمة في الأسلحة النووية لكوريا الشمالية". انتهي
والغريب أن البرادعي الذي أفشي السر النووي السوري ( بفرض أنه حقيقة ) إسمه محمد وهو بالمناسبة عربي ومسلم وينتمي لجمهورية مصر العربية . والبرادعي ذاته كان يعمل بالوكالة عندما وقعت مصر علي اتفاقية حظر الانتشار النووي في فبراير 1981 مجانا !!! أي بدون مقابل فلم تكن ساعتها قد بنت مفاعلا أو صنعت قنبلة , في حين لم توقع إسرائيل التي كان بحوزتها أكثر من 150 قنبلة نووية في ذلك الوقت فقد رفضت التوقيع علي تلك الاتفاقية حتي لا تغل يدها في استخدام ترسانتها النووية متي أرادت ضد خصومها العرب .
 وفي عام 1991 عندما فاجأت إسرائيل العالم بالإعلان عن ترسانتها النووية التي بلغت 300 ( ثلاثمائة ) قنبلة نووية علي لسان الخبير والصحفي الأمريكي " سيمون هيرش " في كتابه الخطير " الخيار شمشون " ( وشمشون في الكتاب هو " إسرائيل " التي ستهدم المعبد علي رأسها ورأس أعدائها ) , والذي أيد فيه أقواله بالوثائق والمستندات , فلم نسمع للسيد البرادعي صوتا لا في الداخل ولا في الخارج للتحذير من قنابل إسرائيل وخطورتها علي أمن المنطقة ولم يسارع بإبلاغ الوكالة للتفتيش عليها ووضعها تحت المراقبة كما فعل مع سوريا التي لم تبدأ أصلا في الطريق النووي .
 والبرادعي هو نفسه محمد البرادعي الذي أقام الدنيا وأقعدها عام 2003 وزرع العراق مجيئا وذهابا بحثا عن الأسلحة النووية وهو يعرف تمام المعرفة أن العراق خالية تماما من الأسلحة النووية ولكن كان يمارس دوره المرسوم , ولم يكن البرادعي في نزاهة " هانز بليكس " السويدي ورئيس لجنة الأمم المتحدة للتفتيش علي العراق الذي قال كلمة حق وبرأ العراق من وجود الأسلحة النووية ثم استقال بعد ذلك .
ولكن البرادعي أكمل الدور المشبوه الذي قام به " رولف اكيوس " و " ريتشارد باتلر" الذي كان مفتشا وجاسوسا في نفس الوقت وترأس فريق التفتيش الذي مهد لضرب العراق واحتلاله بعد ذلك .
 لم نسمع للبرادعي كلمة واحدة تحذر من مفاعل " ديمونة " في صحراء النقب و المجاور لسيناء والذي تهالك وتسرب إشعاعه النووي ليلوث مياه سيناء ويهدد سكانها , وإنما نراه يحذر إيران ويدعوها للتخلص من مشروعها النووي ويردد كلمات سادته في البيت الأبيض .
 يا سيد برادعي نحن لا نريد منك كمصري وفي هذا المنصب الرفيع شيئا و لكن نريد منك أن " تصمت " وتتركنا فيما نحن فيه فيكفينا ما نحن بصدده من كوارث ولسنا نطمع منك في شيء غير ذلك فتاريخك مع الوكالة يشير انك مع الوكالة حيث دارت وإن حطموا دارك وان قضوا علي أوطانك طالما انك مستقر في منصبك الرفيع .
 لقد كان " يوليوس قيصر " محقا عندما صرخ صائحا " حتي أنت يا بروتس " فقد تلقي طعنة من صديقه الحميم الذي لم يكن يظن أبدا أن تأتي منه , كما لم نكن نحن نتوقع أن تأتي الطعنة من البرادعي .

السبت، 11 أكتوبر 2008

حول تصريحات وزير الري .. الامن المائي لمصر في خطر ـ م. فتحي شهاب الدين





صرح د. محمود أبو زيد وزير الري والموارد المائية في الاجتماع الوزاري الخامس والعشرين لدول حوض النيل المنعقد في 10/10/2008 أن وجود إسرائيل في دول حوض النيل لا يشكل خطورة علي أمن مصر المائي , وجاء تصريح الوزير المصري صادما مخيبا للآمال وضاربا عرض الحائط بكل الثوابت البديهية المعروفة والتي أشارت إليها كافة التقارير بأن إسرائيل هي المحرك الرئيسي لأزمة المياه في المنطقة وخاصة دول حوض النيل . لقد كانت مصر ولازالت هي الدولة الوحيدة من بين دول حوض النيل التسع التي تستفيد من مياه النيل استفادة كاملة مما أثار حفيظة إسرائيل التي تطالب منذ عام 1903 بـ 1% من مياه النيل في جميع الاتفاقيات أي حوالي 550 مليون متر مكعب من المياه .

لقد كان التفكير المصري ولا زال قائما علي أساس أن المياه متوفرة في أعالي النيل بأكثر مما تحتاجه تلك البلدان ولم يكن لدي مصر أي تخوف من دول المنبع إذ لم يكن لأي منها القوة العسكرية أو الاقتصادية أو المعرفة التقنية التي تؤهلها للعبث في مياه النيل ولكن تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن فبعد سقوط الاتحاد السوفيتي وسيطرة أمريكا واستخدامها لإسرائيل كرأس حربة في المنطقة قامت إسرائيل بالتحريض الدائم والمستمر لدول الجوار الاستراتيجي المشارك في حوض النيل لإشعارهم بالظلم الناتج عن الاستخدام المصري المسرف للموارد المائية عارضة عليها المساعدات العسكرية والمعونات والقروض مما دفع تلك الدول والتي كانت تسمي نفسها الدول الأصدقاء أو ( الاندوجو ) باللغة السواحلية إلي التخلي عن تعهداتها والتزاماتها التي وقعت عليها في الاتفاقيات المائية المبرمة بينها وبين مصر بحجة أن تلك المعاهدات كانت في ظل الاستعمار وان الموارد المائية لابد وان تقسم من جديد . وحيث أن 90% من إيراد النيل يأتي من إثيوبيا فقد بعثت إسرائيل بخبرائها في المياه إلي إثيوبيا والذين ساعدوها في إنشاء ثلاثة سدود علي روافد النيل الكبرى التي تدخل علي المجري الرئيسي في أجزاء متقدمة من جنوب إثيوبيا ثم السودان ثم مصر وقد أقرت إثيوبيا بهذه السدود الثلاثة ( بنشام – الليبرد – ستيد ) بحجة توليد الكهرباء وأقرت بوجود الخبراء الصهاينة هناك . ثم قامت الأيدي الصهيونية باللعب في جنوب السودان فأوقفت مشروع قناة " جونجلي " التي كانت ستوفر لمصر كمية إضافية قدرها 5 مليارات متر مكعب من المياه . وحيث أن البحيرات العظمي هي المصدر الأساسي لمياه النيل وأهمها بحيرة فيكتوريا ثاني أكبر بحيرة في العالم والتي قال عنها تشرشل " إن نهر النيل مثل نخلة البلح الكبيرة التي تمتد جذورها في وسط أفريقيا في بحيرة فيكتوريا ولها جذع كبير في مصر والسودان وقلبها وتاجها في دلتا مصر فإذا تم قطع الجذور فان القلب سيجف وتموت النخلة " لقد قامت إسرائيل بوضع استراتيجية تهدف إلي إعادة تشكيل منطقة البحيرات العظمي بما يخدم مصالحها في السيطرة علي الموارد المائية وإبقاء المنطقة كلها في صراعات أثنية وطائفية مستمرة فشهدت منطقة البحيرات منذ بداية عقد التسعينات صراعات مسلحة أثمرت مذابح بشعة راح ضحيتها الآلاف من الأرواح وقد شهد العالم اجمع ما جري في رواندا من قتال امتد إلي زائير وتنزانيا وأسفر عن مليون لاجيء من قبيلة " الهوتو " الذين هربوا من ديارهم خوفا من انتقام قبائل " التوتسي ".

وفي بورندي اشتعل القتال هناك متأثرا بما جري في رواندا . لقد أذاع راديو أفريقيا رقم واحد الرئيسي الموجه إلي أفريقيا جانب من تقرير المخابرات الفرنسية والذي أشار فيه إلي قيام إسرائيل بتزويد جيش رواندا وبورندي بالأسلحة القديمة بدون مقابل مادي لكسب ود السلطات الحاكمة في البلدين وحتي يمكنها التغلغل في منطقة البحيرات العظمي.

إن الوجود الاسرائيلي في البحيرات وتعزيز علاقاتها مع دولها وباقي دول حوض النيل هو بالدرجة الأولي موجه لأمن مصر واستقرارها وأنه إذا ما استقرت إسرائيل هناك فان كل مشروعات تنمية الموارد المائية المعتمدة علي أعالي النيل سوف تبوء بالفشل ومنها مشروع قناة " جونجلي " ومشروع " بحر الغزال " .

إن السكوت علي ما يحدث في البحيرات العظمي سوف يدعم الوجود الصهيوني هناك استكمالا لتواجدها الحالي في إثيوبيا وإرتريا وجنوب السودان ومن ثم استكمال حزامها العازل في منطقة النيل وضرب امن مصر في مقتل من ناحية الجنوب والمسالة الآن أصبحت قضية حياه أو موت فإما نكون أو لا نكون , فمارأي السيد وزير الري والموارد المائية المصري في هذا الكلام وهل لا يزال يعتقد أن وجود إسرائيل في دول حوض النيل لا يشكل خطورة علي أمن مصر المائي ؟ نرجو أن نسمع منه الإجابة ...

الثلاثاء، 10 يونيو 2008

اينشتاين قبل 60 عاماً اسرائيل الي زوال ـ م. فتحي شهاب الدين





تصراسرائيل وباستماتة على منع حق عودة اللاجئين الفلسطينيين الي بلادهم وهم الذين شردتهم اسرائيل وأخرجتهم عنوة من ديارهم بالحديد والنار والذين أصبحو رهن الشتات والمنافي منذ 60 عاما. ونحن في هذا المقال نذكر اسرائيل بتاريخهم المأساوى لأنهم لا يأخذون العبرة والعظة أبداً لقد لجأ اليهود إلى مصر وبعض البلدان العربية بعد اجتياح (بوخذ نصر) الثاني الكلداني العراقي الذي حكم بابل في بلاد النهرين في الفترة مابين(605-562) ق.م وحطم مدينة أورشليم عاصمة مملكة يهوذا عام 568 قبل الميلاد وهدم معبد سليمان فيها الذي اشرف علي انشائه ستون مهندسا معماريا فينيقيا سوريا بتكليف من ملك صور الفينيقي (حيرام) تلبية لطلب الملك سليمان بن داوود وقد ساق( بختنصر) الثاني الكلداني نخبة الشعب اليهودي ذليلة الى بابل أسيرة مهانة فيما انساحت فصائل اليهود الأخري إلى شتى بقاع الأرض ومتفرقة في ارض الشتات وكانت فلسطين العربية أحد الملاذات التي لجأ اليها اليهود بصفتهم لاجئين مدحورين ومن باب الاشفاق عليهم ومع توالي الحقب والعهود وعلي طريقةاليهود استطاعوا أن يشتروا الأراضي والممتلكات وأن يكونوا الثروات الطائلة تحت سمع وبصر الانتداب البريطاني تمهيدا للانقضاض علي فلسطين ولم يراعوا في الذين آووهم إلاً ولا ذمة وسطوا علي فلسطين في غفلة من الزمان وتآمر الحكام فاحتلوها ومنذ ستين عاماً بدأت رحلة العودة ليهود الشتات من كل يقاع الأرض أما أصحاب الأرض الأصليين أو أبناء فلسطين الذين آووهم وقت الشتات فمحرم عليهم الرجوع لأوطانهم ونسوا كيف زحفوا الي تلك البلاد من اورشليم علي بطونهم بعد أن دمر بختنصر الثاني الكلداني مملكتهم وساق رجالهم أذلاء إلي بابل أسرى. إن الصهاينة يدركون جيداً كما ندرك أنهم قد أنشئو بقوة الاغتصاب دولة غير مؤهلة للبقاء في نهاية المطاف لأنها افقدت منذ انشائها قبل 60 عاما مقومات هذا البقاء وهي الحقيقة التي أشار اليها بكل الصراحة والوضوح العالم اليهودي أينشتاين الذي ولد في مدينة أولم في جنوبي المانيا عام 1879 وتوفي في مدينة برنستون الأمريكية عام 1955 والذي عرض عليه الزعماء الصهاينة رئاسة دولة اسرائيل عند قيامها عام 1948 فاذا به وهو اليهودي حتي النخاع يرفض هذا العرض رفضا مقرونا بتصريحة الشهير الذي قال فيه منذ 60 عاما ( إن دولة تنشأ كما أنشأت دولة اسرائيل مهددة بالفناء ) ثم رفض أيضا عرضا تقدم به زعماء الصهاينة بالتدريس كأستاذ للفيزياء في الجامعة العبرية عقب انشائها في اسرائيل وغني عن التعريف التذكيربأن أينشتاين عالم الفيزياء هو صاحب نظرية النسبية الأشهر

وفي نبؤته هذه دروس وعبر لاتزال غائبة عن عرب من أمثال محمود عباس ورفاقه الذين يتسولون سلاما غير عادل ولا متكافيء من اسرائيل وهي تضن عليهم حتي بالفتات ولا تحفظ ماء وجوههم المغبرة بغبار الذل والهوان والاستجداء.

فإلى هؤلاء نهدي اليوم مقولة أينشتاين عن حتمية زوال اسرائيل وإليهم نهدي معني أن تعجز اسرائيل بعد أن أصبحت تمتلك سادس أقوي جيش في ا لعالم بالإضافة إلى ترسانة نووية (أكثر من 300 رأس نووي ) في آخر احصاء, غير الترسانات الأخري من الأسلحة التقليدية والكيماوية. كما تعجز أن تواجه بل وتفر مذعورة أمام مجموعة من المقاتلين من حزب الله فى حرب يوليو 2006 فى جنوب لبنان وتقف صواريخ اسرائيل المحملة بالرؤس النووية عاجزة أمام قذائف الآ بى جيه وصواريخ القسام فى غزة حقاً إنها دولة إلى زوال كما تنبأ العالم أينشتاين.


الاثنين، 28 أبريل 2008

المشروع القومى لتعمير سيناء بين الحقيقة والخيال ـ م.فتحى شهاب الدين






تقع سيناء بين ذراعى البحر الأحمر، خليج العقبة وخليج السويس حيث تمثل جزءاً مرتفعاً من صخور القارة الأفريقية الضاربة فى القِدَم والتى تنحدر نحو البحر المتوسط فى الشمال وتأخذ شكل المثلث تقريباً حيث تمتد قاعدته على ساحل هذا البحر بين رفح شرقاً وبور فؤاد غرباً ( حوالى 200كم ) أما رأس المثلث فتقع فى الجنوب عند رأس محمد التى تبعد حوالى 390كم عن ساحل البحر المتوسط وتبلغ مساحة شبه الجزيرة نحو 61.000 كم2 أى أنها تعادل ثلاثة أمثال مساحة الدلتا وتضم فى داخلها إلى جانب القمم المرتفعة مجموعة من المضايق تترابط طوبوغرافياً مع بعضها، أهمها مضيق المليز وممر متلا. ويعتبر موقعها الجغرافى حلقة اتصال بين أكثر البلاد الواقعة شرقى حوض البحر المتوسط ( انظر الخريطة ).


سيناء وإسرائيل:


أطماع الصهاينة فى سيناء ليست وليدة اليوم ولكنها بدأت منذ مطلع هذا القرن بمشروع الاستيطان فى سيناء الذى أعده هرتزل عام 1903م وقد جعل المخطط الإسرائيلى من سيناء مسرحاً للعمليات العسكرية بينها وبين مصر بحيث لا تعطى الفرصة لمصر للتفكير فى تعمير سيناء وذلك انتظاراً لتنفيذ المرحلة اللاحقة فى المخطط وهى الاستيلاء على سيناء نهائياً وتوطين اليهود المهاجرين إلى إسرائيل فيها. وعليه فإن ما قامت به إسرائيل من أبحاث ودراسات لموارد سيناء أثناء احتلالها لها لم تكن من باب الرفاهية العلمية بل كانت ترمى إلى وضع الخطط الكفيلة باستغلال سيناء الاستغلال الأمثل فى المستقبل عندما تسنح الفرصة لإسرائيل بذلك.


وللأسف فإن التفكير المصرى قد ساهم دون أن يدرى فى خدمة المخططات الإسرائيلية. فقد اقتصرت النظرة المصرية إلى سيناء على أنها منطقة عازلة عسكرية وكأنها حلبة الصراع بين الطرفين كلما اقتضت الظروف ومن ثم فإن سيناء ستكون من نصيب من يتمكن بقدراته من تحويل هذه المنطقة من مجرد فراغ عازل بين الطرفين إلى منطقة جذب سكانى فإما أن تتمكن إسرائيل من توطين ملايين اليهود وإما أن تسبقها مصر بتوطين الملايين من المصريين.


لقد اشتبكت مصر مع إسرائيل فى أربع حروب رئيسية منذ عام 1984 وحتى عام 1973 زادت إسرائيل تجاربها فيها للتعرف على كيفية الحصول على سيناء بشكل نهائى عندما تسنح الفرصة الدولية لذلك. أما من ناحيتنا فلا يمكن تفسير ما حدث لنا إلا أن مصر ممثلة فى حكامها لم تستوعب الدرس فى كل مرة.


المشروع القومى:


إن البحث عن مشروع قومى ينقذ البلاد من عثرتها أصبح من الضرورة فى ظل المآزق التى تواجهها على المستويات السياسية والاقتصادية والأمنية.


وسيناء هى الخلاص المتاح للنهوض والخروج من خناق الأزمات بداية من خندق الأزمة الاقتصادية والتهديدات الخارجية بما فى ذلك سيف المعونات والمساعدات التى تسلب الإرادة وخنادق أخرى ملغومة تؤدى كلها إلى الدرك الأسفل.


فى هذا الإطار تعد سيناء هى المشروع القومى الذى يجب أن نلتف جميعاً حوله لمجابهة تحديات القرن القادم. ونحن نطالب بطرح هذا المشروع للنقاش على كافة القوى السياسية الوطنية والأحزاب والتجمعات والجمعيات والنقابات والعلماء المتخصصين أصحاب الرأى من المفكرين والمثقفين باعتبار أن هذا المشروع ليس ملكاً لأحد. ومن الضرورة والأهمية أن يشارك كل مصرى فى وضع ملامحه الأساسية وأسسه المبدئية وتصوراته المستقبلية ومن خلاله نستطيع الدفاع عن بوابتنا الشرقية. لقد وضعت الحكومة الحالية منفردة!! دراسة المشروع القومى لتنمية سيناء من خلال وزارة التخطيط وتم عرضه على مجلس الشورى الذى قام بدوره بتشكيل عدة لجان متخصصة لدراسته. وكان من المفترض مشاركة كل الأحزاب وكافة الفئات فى وضع هذا المشروع وبحثه ودراسته لأنه مشروع كل مصرى.


ولكن بعيداً عن الاستحواذ والانفراد بالقرار نطرح أهم ملامح التقرير المبدئى حول المشروع لأنه يعد من أهم وأكبر مشروعات التنمية الاقتصادية والاجتماعية منذ نهاية الحرب العالمية الثانية سواء من الناحية الاستراتيجية أو الاقتصادية أو الاجتماعية حيث من المنتظر أن تبلغ جملة استثماراته ( 75 مليار جنيه ) على مدى 23 عاماً أى من الآن وحتى عام 2017 وقد استعرض المشروع الرؤية الاقتصادية والاجتماعية التى تتحرك عبر ثلاثة محاور:


أولاً: محور الزراعة والرى واستصلاح الأراضى والثروة الحيوانية والسمكية.


ثانياً: محور الصناعة والطاقة والنقل والمواصلات والبنية الأساسية والسياحة.


ثالثاً: محور الخدمات الاجتماعية والتنمية البشرية.


ويستهدف المشروع دمج سيناء فى الكيان الاقتصادى والاجتماعى لبقية الأقاليم والمناطق المصرية ووضع خريطة استثمارات متكاملة مع سائر البلاد( زراعية وصناعية وتعدينية وسياحية وعمرانية وخدمية وأمنية ) تحقق التوظيف الاقتصادى الأنسب لأراضى سيناء لدعم البعد الأمنى والسياسى للحدود الشرقية.


ويوضح الجدول التالى التكلفة الاستثمارية الكلية للمشروع القومى فى كافة القطاعات.


والحقيقة أن الذى يقرأ عن إمكانيات هذا المشروع لابد وأن يتسائل من أين ستأتى الحكومة بها؟


وبنظرة بسيطة إلى حجم المبالغ التى رصدت لاستثمارها ( 75 مليار جنيه فى المدة من 1995 حتى عام 2017 ) أى على مدى اثنين وعشرين عاماً أى أن متوسط الاستثمار السنوى 3.4 مليار جنيه سنوياً. وهذا يعنى أن سيناء ستحظى بكم هائل من استثمارات مصر فمن أين ستأتى الحكومة بهذه الاعتمادات، والواقع يقول أن هناك عجزاً فى الموازنة العامة للدولة.


هذا من ناحية ومن ناحية أخرى لا تقل خطورة يثار التساؤل هل الحكومة جادة فعلاً فى تعمير سيناء؟ لقد رحلت إسرائيل عن سيناء منذ خمسة وعشرون عاماً وتركت مستعمرة (ياميت) بين العريش ورفح محطة مدمرة تحكى اطلالها عن حضارة ومدنية الاسرائيليين الذين رفضوا تركها سليمة فنسفوها قبل رحيلهم بأربع وعشرين ساعة وعندما هب الرأى العام مطالباً برد حضارى وتقرر بناء مدينة ( الفيروز ) فى نفس موقع ياميت وعلى مساحة أكبر منها وتدفقت التبرعات والمساهمات من كل الجهات ومع ذلك فلم يتم بناء الفيروز ولا يعلم أحد بمصير التبرعات والمساهمات حتى الآن. ولا زالت أطلال ياميت تشهد على عجز وبيروقراطية الحكومة الحالية على إنجاز مثل هذا المشروع الحيوى فهل يمكنها تنفيذ مشروع قومى بهذه الضخامة؟!

الأربعاء، 9 أبريل 2008

مَن يهمس في أذن الحاكم؟ ـ م. فتحي شهاب





الإمام العز بن عبد السلام المُلَّقب بـ(سلطان العلماء( حاولتُ أن أجدَ له شبيهًا في عصرنا الحالي أو قريبًا له في الشبه، ولكن محاولتي باءت بالفشل، وكنتُ كمَن يحمل مصباح "ديوجين"، و"ديوجين" هذا عاش في أثينا في القرن الثالث الميلادي، ويُقال إنه ظلَّ طوال حياته يحمل مصباحًا مضيئًا يتجول به نهارًا بحثًا عن (honest man) أي رجل صادق، ولهذا التمستُ لديوجين العذر؛ حيث لم يستطع أن يعثر بين شعبه على هذا الرجل الصادق، كما لم أستطع أنا العثور على عالمٍ مثل العز بن عبد السلام.

لقد كان العز بن عبد السلام يشغل منصب قاضي القضاة بمصر كما كان خطيبًا لأكبر جامع في مصر حينئذٍ؛ وهو جامع عمرو بن العاص، وقد عاش عمرًا مديدًا (83 سنةً)، وشهدت حياته الطويلة جانبًا كبيرًا من أحداث الشرق الإسلامي فشهد جانبًا من الحروب الصليبية وحروب التتار، وكانت له فيها مواقف مشهودة.

فعندما تعرَّضت مصر للحملة الصليبية 1249م، بقيادة لويس التاسع ملك فرنسا واستولوا على دمياط ثم واصلوا سيرهم يريدون القاهرة حتى وصلوا المنصورة دارت المعركة، وانهزم الفرنجة، وتمَّ أسر لويس التاسع وكبار قواده، وتمَّ حبسهم في دار بن لقمان كان العز بن عبد السلام في قلب المعركة يشترك بلسانه ويده؛ حيث كانت حربًا شعبيةً قام الشعب المصري- الذي أتى من شتى أنحاء البلاد- بدورٍ عظيمٍ حتى تحقق النصر.

وعندما تولى قطز سلطنة مصر 1259م، وكان التتار قد اجتاحوا الشرق ودمروا بغداد وأشعلوا فيها النيران، وقضوا على الخلافة العباسية ثم زحفوا على الشام، واستولوا على حلب وعندها أرسل هولاكو قائد التتار رسالته الشهيرة إلى مصر والتي تحمل التهديد والوعيد وما تنخلع لها القلوب، وطالب فيها مصر بالتسليم والإذعان للتتار؛ حينئذ جمع السلطان قطز القضاة والفقهاء لمشاورتهم، فيما يلزم لمواجهة التتار؛ حيث إنَّ بيتَ المال خالٍ من الأموال، وإنه يحتاج لأموال الشعب للجهاد فوافقه الحاضرون على فرض الضرائب وجمع الأموال من الشعب، وهنا صاح العز بن عبد السلام قائلاً: "إذا طرق العدو بلاد الإسلام وجب قتالهم، وجاز لكم أن تأخذوا من الرعية ما تستعينون به على جهادكم بشرط أن لا يبقى في بيتِ المال شيء، وبشرط أن يُؤخذ كل ما لدى السلطان والأمراء من أموالٍ وذهبٍ ويقتصر كل جندي على سلاحه ومركوبه، ويتساووا هم والعامة، وأما أخذ أموال الناس مع بقاء ما في أيدي الجند من المال فلا".

وهنا انتهت الفتوى، وكانت الكلمة في هذا الاجتماع هي كلمة العز بن عبد السلام، وقبل السلطان رأيه ونفَّذ فتواه في دقةٍ وحزم.. وقامت مصرُ بواجبها على خير وجهٍ وكتب الله لها النصر في (عين جالوت) على التتار.

وتذكر كتب التاريخ أنَّ العز بن عبد السلام كان يجوب القرى والمدن يحث الناس على الجهاد، وأمر بأن لا يعتلى أحدٌ المنبر إلا إذا كان حافظًا لسورتَي "التوبة" و"الأنفال"؛ حتى إن الأسواق في مصر كانت تعجُّ بالرجالِ والنساءِ والصبية الذين يرددون "التوبة" و"الأنفال" استعدادًا للجهاد.

كانت طبقة المماليك حينئذٍ هم حكام البلاد وقواد الجيش، فلما كثُرت مظالمهم وزاد طغيانهم ضجَّ الشعب بالشكوى، ولجأ إلى العز بن عبد السلام، ولم يكن أحدٌ يتصور أن يقف موقفًا عدائيًّا صريحًا ضد الطبقة الحاكمة فقد أثار بفتواه قضيةً لا زالت محل دهشة الدنيا بأسرها؛ فقد أفتى بأن المماليك عبيد أرقاء لا يجوز أن يتولوا مناصب الدولة، ولا أن يتصرفوا في أمورهم الخاصة تصرف الأمراء، وأبطل كل ما أبرموه من عقودٍ، فأرسلوا إلى العز يسألونه ماذا يريد بهذه الفتوى؟ فأجاب نعقد لكم مجلسًا على ملأ من الناس، ويُنادَى عليكم في المزاد ونبيعكم ونُودع ثمنكم ببيت المال، ثم يتم عتقكم بعد ذلك بطريقٍ شرعي.

وعندما عنَّفه الملك نجم الدين ولامه على تدخله في أمرٍ يمس رجال الدولة غضب العز واستقال من منصب (قاضي القضاة)، وعزم على تركِ البلاد وحمل أهله وأمتعته على حميرٍ وسار خلفهم فثار الشعب المصري وخرج وراءه خلقٌ كثيرٌ، وخاف السلطان من الثورة، وسمع السلطانُ مَن يهمس في أذنه: متى خرج العز بن عبد السلام من مصر ضاع ملكك، فلحق به السلطان واسترضاه وطلب منه العودة فلم يقبل العز إلا بعد أن وافق السلطان على بيع الأمراء في مزادٍ علني وقد كان...!!

وعندما أصبح (الظاهر بيبرس) سلطانًا لمصر بعد قطز أراد أن يأخذ البيعة لنفسه من العز بن عبد السلام فرفض وقال: يا ركن الدين بيبرس أنا أعرفك عبدًا مملوكًا "للبندقدار"، وأنت لا تصلح للملك حتى يتم بيعك وعتقك بالطريق الشرعي، ولم يبايعه العز حتى قامت البينة الشرعية على عتقه.

وفي آخر أيام حياته بعث إليه الظاهر بيبرس يقول له عيِّن مناصبك لمَن تريد من أولادك فقال: ما فيهم أحدٌ يصلح.. ورُوي أنه كان فيهم مَن يصلح (وهو ابنه الشيخ عبد اللطيف وكان عالمًا جليلاً)، ولكنه كره أن تكون المناصب وراثة.

ولئن كانت الدهشة تعترينا من العز بن عبد السلام وفتاواه فإنَّ الدهشةَ تكون أكبر من حكامِ ذلك الزمان الذين كانوا أكثر روعةً وخشيةً لله وامتثالاً لأوامرِ العلماء.

ولئن وجد حكام ذلك الزمان مَن يهمس في آذانهم ليسمعوا كلام العلماء حتى لا يزول ملكهم فلقد رأينا في زماننا التعيس مَن يهمس في آذانِ الحكام بإعدامهم حتى لا يَفقِد الحكم هيبته، وحتى يستطيع الحفاظ على الكرسى مدى الحياة.. فإذا بالعلماء يُعلَّقون على أعواد المشانق (الشهيد سيد قطب والشهيد عبد القادر عودة)، ووجدنا منهم مَن أُودع السجون مع الكلاب (الشيخ الأودن)، ورأينا كبار الفقهاء يُضرَبون بالأحذية في مجلس الدولة (السنهوري باشا) فإذا بالحاكم يذهب وحكمه يزول وهو في عزِّ الشباب ثم جاء من بعده مَن يُعيد الكَرَّة ويُودع العلماء والمفكرين في السجون، ويقول عن العالم الجليل (الشيخ أحمد المحلاوي) "آهو مرمي في السجن زي الكلب"، والعجيب أن يذهب ملكه بعدها مباشرةً، ثم جاء من بعده مَن حوَّل العلماء والفقهاء إلى أُجراءٍ يلهثون وراء لقمةِ العيش ويطلقون الفتوى الجاهزة حسب طلب الحاكم وتوجيهاته، ورأينا قضاةً وعلماء أجلاء يُسحلون في الشوارع كالدهماء والرعاعِ دون أدنى مراعاةٍ لعلمهم وفضلهم ومكانتهم.

ولا يبدو في الأفق حتى الآن أنَّ أحدًا من العقلاء يريد أن يهمس في أذن الحاكم محذرًا من زوال ملكه، بل يبدو أنَّ النصيحةَ هي "الضرب في المليان"، والإيداع في السجون والمعتقلات.