الاثنين، 18 يناير 2010

أدركوا السودان قبل فوات الآوان ـ بقلم : م. فتحي شهاب


المؤامرات تجري الآن علي قدم وساق لفصل جنوب السودان عن شماله فهل أثمرت هذه المؤامرات وهل صار الفصل وشيكا ؟
لنبدأ القصة من البداية حيث تآمر الاحتلال البريطاني منذ القرن التاسع عشر لزرع بذور الانفصال بين الشمال العربي المسلم والجنوب بثقافته الانجلوساكسونية وديانته المسيحية والذي بات مرتعا خصبا لمنظمات التبشير الصليبية .
أما في هذا القرن فقد أصبحت الولايات المتحدة هي اللاعب الأوحد في المؤامرة .
· بدأت أمريكا التآمر علي السودان عندما قامت باستبعاد المبادرة المصرية - الليبية التي كانت بصدد الجمع بين الحركة الشعبية والشمال حول مائدة الحوار للوصول إلي حل مشترك.
· دفعت أمريكا دول " الإيجاد " الأفريقية لتبني مبادرة مختلفة تتبني مصالح الجنوب وتحصر التفاوض حول وقف الحرب الأهلية فقط .
· قامت أمريكا بإدراج السودان علي القائمة الأمريكية السوداء بصفتها دولة إرهابية تمهيدََا لإخضاعها والضغط عليها.
· قامت بالضغط علي حكومة السودان للتفاوض " منفردة " مع الحركة الشعبية بالتعاون مع كينيا حيث جرت المفاوضات علي أرضها بداية من " ماساكوش " عام 2002 وحتي "نيفاشا " حيث جري توقيع اتفاقية السلام عام 2005 والتي تنص علي أن يعمل الطرفان علي جعل الوحدة " جاذبة " وفي نفس الوقت تعطي للجنوب حق تقرير المصير ( الانفصال من عدمه ) عبر استفتاء عام يجري أوائل عام 2011 .
لقد أعلن " سلفاكير " خليفة " جارانج " ورئيس الحركة الشعبية لتحرير السودان ونائب الرئيس السوداني في نفس الوقت في احتفال أقيم في إحدي الكنائس بالجنوب وهو يخاطب شعب الجنوب السوداني " لديكم الفرصة للاختيار ما بين أن تكونوا أحراراََ في وطنكم أو تكونوا مواطنين من الدرجة الثانية في بلد موحد " وهو ما يتنافي مع اتفاقية 2005 والتي تنص علي أن يعمل الطرفان علي جعل الوحدة "جاذبة " , ولم يقتصر الأمر علي " سلفاكير " بل زاد الطين بلة التصريحات التي أطلقها وزير خارجية الجنوب " دينق آلور" بعدها مباشرة والتي قال فيها " إن الجنوب يريد بأغلبية ساحقة إعلان الاستقلال في الاستفتاء المقرر قريبا ".
لقد أشارت بعض التقارير الحديثة إلي إنجاز مسودة دستور دولة الجنوب المنتظرة بواسطة معهد
" ماكس بلانك " الألماني بالإضافة إلي الدراسات الخاصة بمشروع خط السكة الحديد للربط بين كينيا عبر " مومباسا " لتصدير النفط الجنوبي في المستقبل .
إن المسرح يهيأ الآن لفصل الجنوب السوداني عن شماله في ظل صمت دولي رهيب ولامبالاة من دول الجوار وعلي رأسها مصر وفي حالة الفصل – لا قدر الله - سوف يستمر مسلسل
" الدومينو" ولن ينعم الشمال السوداني بالاستقرار أبدا وسوف يمتد التآمر الأمريكي إلي بقية الأقاليم لفصلها في شرق السودان وغربه وجبال النوبة وبقوة السلاح بحجة الحصول علي نصيب تلك الأقاليم من كعكة السلطة والثروة أسوة بما حدث للجنوب .
لقد ظلت مصر منذ التدخل الأمريكي بعيدة عن الحدث مع أن المفروض أن يكون علي رأس أولويات الأمن القومي المصري وخاصة بعد التوغل الإسرائيلي المدعوم أمريكيا في دول حوض النيل والجنوب السوداني , ولم نسمع للإعلام المصري صوتا وهو الذي هبَّ عن بكرة أبيه من أجل مباراة في الكرة كما لم نسمع أيضا صوت النخبة المصرية وهي التي تتطرق للعديد من القضايا الهامشية وعلي رأسها قضية الكرة وتنسي في غمرتها هذه القضية الخطيرة.
لقد حذر علماء مصر ومفكروها الذين يحملون هم بلادهم ومستقبلها من أن فصل الجنوب عن الشمال سوف ينجم عنه كثير من المخاطر بالنسبة لمصر منها :-
· وقوع أكثر من ألف كيلو متر من نهر النيل تحت قبضة الجنوبيين الذين سوف يتحكمون ويعبثون به متي أرادوا .
· سوف يتم إيقاف العمل نهائيا في قناة " جونجلي " والتي قاموا بتدمير معداتها من قبل وبذلك يضيع علي مصر ما يقرب من الـ 5 مليارات متر مكعب من المياه والتي تضيع هباء في أحراش الجنوب .
· سوف يشكل الجنوب السوداني قاعدة جديدة لإسرائيل وأمريكا للوثوب منها إلي القارة الأفريقية بعد عزل الشمال تمامَََا .
· سوف يتم الضغط علي مصر وتهديدها وتخييرها إما بتوصيل المياه لإسرائيل أو غلق "المحبس " عنها من المنبع والتي سوف تتحكم فيه دولة الجنوب .
إننا ننبه ونصيح بأعلى صوتنا أن أدركوا السـودان قبل فوات الأوان .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق